الإعلام والأعمال والفساد، العلاقات المريبة ؟

قامت العدالة منذ أيام بإيقاف نبيل القروي من جديد. هذا الحدث يحيلنا إلى العلاقات المريبة بين السياسة والإعلام والأعمال (بما فيها الفاسدة)
وقد أكّدنا في اللقاء الأول الذي نظمناه حول هذه المسألة أن قضية الإعلام التونسي هي إحدى أكثر المسائل تغييبا عن التفكير في مرحلة « الانتقال الديمقراطي » وأنه لم يقع تناولها بالعمق المطلوب سوى نادرا.
لقد بدأ الانحراف غداة الثورة وما فتئ يستفحل حيث ذهب المشرّع، بوازع السّذاجة أو عدم الجرأة، في اتجاه إدراك خاطئ لبعض المفاهيم. فالمرسوم 116 المؤرّخ في 2 نوفمبر 2011 المتعلّق بحرية الاتصال السمعي البصري والذي أُحدِثت بمقتضاه الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري، قد خلط بين تحرير الموجات وتحرير الكلمة، وتبعا لذلك وقع تجاهل مسألة ملكية وسائط الإعلام. فبخلاف المصادرة التي شملت بعض المحطّات المعروف عنها امتلاكها من طرف حاشية الرئيس السابق، بقي الإعلام على حاله تقريبا، بل الأدهى من ذلك أنّ سوق الإعلام التلفزي قد فُتح أمام المستثمرين ومن بينهم عدد من الصقور القدامى والجدد. والنتيجة أنّ « حرية الاتصال السمعي البصري » ذاتها التي هي التي أصبحت معروضة في السوق، وتحوّلت القنوات إلى مجرّد سلعة تباع وتشترى دون ضوابط جدية، وشروط تحمي القطاع من الزّيجات المشبوهة.
وقد نبّهنا بعض الناقدين إلى ضرورة قلب الصّفقة القائلة بأنّ التلفزة تبيع، عبر الإشهار، منتوجات إلى المشاهدين-المستهلكين، في حين أنّها، في الواقع، تبيع جمهورا إلى أصحاب الإعلانات. بيد أنّ « نسمة » ذهبت إلى أبعد من ذلك، إذ سعت إلى أن يدين جزء من الناخبين بشواهد الإخلاص لعرّاب القناة، وحوّلت العمل الخيري، والتلفزة، والسياسة إلى مجرّد متاجرة. ففي مثل هذا التداخل بين المستويات، يجد الجميع منابه ما عدا الديمقراطية.
لم يسبق أن امتدّت وتداخلت الجذور بين المال والفضاء الإعلامي والمشهد السياسي بمثل هذا الوضوح. ولم يسبق أن شاهدنا مثل هذا التواطؤ بين سلط من المفترض أن تكون متباعدة. والخاسر مرّة أخرى هي الدّيمقراطية.
دعونا في هذا اللّقاء الأوّل حول هذا الموضوع(

https://www.facebook.com/events/820043762110291

)، هذا لقاء ثان يؤثثه هذه المر ة:
مريم بريبري، صحفية مناضلة في مجال الصّحافة البديلة.
مهاب بن قروي، مدير مركز « يقظ » لدعم وإرشاد ضحايا الفساد

Show More
Close