« توانسة يهود » نص صوفي بسيس ترجمة هاجر بودن

هذي ماهيش لعبة. في النّازلة هذي يلزمنا نلوّجو بالظبط على الغلطة وين : ملّي استقلّت تونس، وأكثر وأكثرين بعد ثورة 2011   وبعد ما تحرّرت اللسانات بأحلى وبأتعس ما فيها، كلّ منين يعتديو إسلاميين متطرّفين على اليهود،  تتكلّم جوقة المسئولين في البلاد وأهمّ الأحزاب السياسية ويبداو يحلفو ويتكتّفو : الاعتداءات هذي ما هي كان معزولة، وما تعبّر كان على أقلّية، واليهود ينجّمو يتهنّاو راهم مواطنين بأتمّ معنى الكلمة.

 باهي. معنتها في تونس، الحمدلّه، ما ينجّمش واحد يحرّض عالكره من غير ما تقوم عليه ردود أفعال. لكن من جهة أخرى، المسئولين هذوما بيدهم، كلّ منين تتجبد مسألة الهويّة، يقولو ويعاودو الي التوانسة الكلّ مسلمين والي هذي حاجة بديهية ما فيهاش نقاش. هوني حاجتين : يا إمّا اليهود التوانسة هوما توانسة يهود (وبقعة كلّ كلمة عندها هنا أهمّيتها) وفي الحالة هذي موش التوانسة الكلّ مسلمين؛ يا إمّا التوانسة الكلّ مسلمين واليهود منهم ما همش توانسة بالمن جدّ. ولا النصارى ولا البهائيين ولا البوذيين إذا كان ثمّة تونسي معتنق الدّيانة هذي.

 “موش بالمن جدّ”. عبارة تورّي قدّاش علاقة تونس موش واضحة مع أقلية هي جزء لا يتجزّأ من مجتمعها منذ آلاف السنين وحتّى للستّينات. سكّان أصليّين هوّدوهم اليهود الأولانين الي جاو مع الفينيقيين يتاجرو على سواحل برّ البربر، مهاجرين جايين من موجات شتات سكّان يهودا، سفارديم مطرّدينهم السبنيور الكاتوليك في أواخر القرن خمسطاش وهربو لبلاد المغرب، إمّا طول  وإلاّ بعد تعريجة طويلة على مدينتي ليفورن وبيز في إيطاليا : هذوما هوما الطبقات الي متكوّن منهم الحضور اليهودي في تونس على مرّ العصور.

 ما يهمّش ياسر باش نعرفو اليهود قداش ليهم موجودين في تونس. ألف سنا زايدين ولاّ ناقصين ما يبدّلو شيء. على الحساب هذا، الي أصلهم بربري يولّيو، محقّق، توانسة أكثر من الّي جدودهم عرب مكثرهم وصلو مع الزحف الهلالي في القرن أثناش. الي بيه الفايدة هو إننا نحدّدو شنو معنتها “تونسي” ونعرفو إذا كان تنجّم تكون ثمّة درجات في التّونسة وفي الحالة هذي حسب أنا مقاييس.

 من غير ما نغطّيو عين الشمس بالغربال : مكثر التوانسة لغادي من مقتنعين الي ما ينجّم الواحد يكون تونسي على وجهو وقفاه إلاّ إذا كان مسلم. بالحقّ، التونسي الموش مسلم ماهوش برّاني برّاني أمّا ما ينجّمش يتمتّع بنفس الامتيازات هو والأغلبية. والتاريخ راسو صحيح : الفكرة هذي تلقى من وراها، أمّا نوع آخر، فكرة الذمّة وأهل الذّمّة،  أي وضعية الأقليات من أهل الكتاب. أهل الكتاب، يهود ولاّ نصارى، كانو بكري – تحت سلطة الحكّام المسلمين – عندهم الحق باش يمارسو دينهم وباش يعيشو، كطائفة، حسب قوانينهم الخاصّة، على شرط يدفعو الجزية ويعيشو تحت طاعة وحماية السلطة. في الفترات الي كانت فيها سلطة متنوّرة، اليهود عاشو متهنّين وثمّة منهم شكون، عبر التاريخ، تقلّد مسؤوليات عالية. أمّا في فترات أخرينة، متع نزاعات وحروبات، كانو، كيما في بلايص أخرى، الرّعية الي يتردّ فيها همّ البيّ.

 “موش قدّ قدّ كيف النّاس” ماهيش حكاية دين ولاّ عوايد.  الهدرة هذي فيها تمييز. يقول القايل : المساواة والمواطنة مبادئ جديدة،  وقبل الفترة المعاصرة عدم المساواة كانت هي السّايدة. صحيح، ووضع اليهود التّوانسة تبدّل مع عهد الأمان متع 1857 الّي نحّى الذمّة وعطاهم حقوق. في فترة الاستعمار، اليهود الي ما خذاوش الجنسية الفرنساوية والي ما كانوش طلاين، يعني أغلبيتهم السّاحقة، كانو من رعيّة البيّ، كيفهم كيف المسلمين، وولاّو مع الاستقلال مواطنين توانسة.

 أمّا إلى حدّ. في الواقع، قدّاش من مرّة ورّاوهم وحسّسوهم الي ماهمش  كيف المواطنين الكلّ. ابدا مالبند الأوّل في دستور 1959 وانت ماشي : الشرط على رئيس الجمهورية إنّو يكون مسلم  والإقصاء من بعض المسؤوليات. بحيث تخلقت نوع من المواطنة درجة ثانية تزادت عليها قدّاش من إهانة صغيرة وكبيرة. ورغم وجودهم القديم على أرض تونس، من عام 1956 واليهود ممسوحين من تاريخها الرّسمي وذاكرتها الرّسميّة، مفسّخين حتّى من الطوبوغرافيا، كيما في جربة وقتلّي في السبعينات بدّلو أسامي الحارة الكبيرة والحارة الصغيرة وسمّاوهم… “السواني” و”الرّياض”. يعني اليهود موجودين من غير ما عندهم وجود. وفي الواقع، مكثر رجال السّياسة والمثقّفين التوانسة ما ينكروش حضور اليهود القديم في تونس أمّا يحصروه خارج المجتمع في حدّ ذاتو : مجتمع عربي مسلم أمّا أهوكة عندو فروع موروثة من بكري لاهي برّانية برّانيّة ولاهي وطنية بالفمّ والملا. لا من مستعرف بيهم في بلادهم وبلاش مستقبل، تلزّو اليهود باش يمشيو. وملّي كانو وقت الاستقلال 100.000 ما قعد منهم توّا كان 1000 تقريب.

 صحيح أسباب الهجرة هذي معقّدة، رغم الّي سيطرة الايديولوجيا القومية العربية الإسلامية هي السبب الأساسي. جزء صغير منهم ظهرلهم الّي الاستعمار عتقهم، ما عطاوش الجنب للاستقلال، وهكّة ولاّ هكّة كانو ماشين لفرانسا ماشين. جزء صغير آخر اقتنعو بالحركة الصهيونية وهاجرو لإسرائيل في الخمسينات.

 وجود دولة إسرائيل في حدّ ذاتو حوّل الفارق الدّيني إلى قطيعة. دوب ما تخلقت هالدّولة بدا الخلط بين الصهاينة واليهود وولاّو اليهود، بالنسبة لبرشا ناس، مشبوهين وينجّمو يكونو عملاء في خدمة العدوّ.

 وهكّاكة، نهار 5 جوان 1967، المتظاهرين ضدّ الهجوم الإسرائيلي… هجمو على حوانت التجار اليهود في تونس العاصمة. والعالم العربي مازال ما قدّرش قدّاش عاون إسرائيل وقتلّي فرّط في اليهود متاعو. الوهم العربي متع دولة وطنية الناس الكل فيها من فرد ملّة وعلى فرد دين (في المغرب الكبير)  جات سطانبة مع الي كانت حابّة عليه إسرائيل (تزيد غي عدد سكّانها اليهود)،  والزّوز أعدا تقابلو على مصلحة وحدة.

 فيما يخصّ اليهود التوانسة، أفقر الفقراء فيهم مشاو للشّرق وأولاد الطبقات المتوسّطة اختارو أوروبا.

  زعما قصّة العلاقات بين اليهود والمسلمين ما هي كان قصّة خلاف طويل –  أكثر ولاّ أقلّ حدّة إنت والعصر –  واكاهو؟ لا الحمدلّه، وإلّا وقتها ما عادش الواحد يفهم علاش الحضور اليهودي شدّ هالوقت الكلّ، حتّى وكان نقُص برشا. اليهود في تونس يحسّو في رواحهم توانسة وعايشين كتوانسة. تاريخ تونس، ثقافتها، تطييبها، حياتها السياسية والاجتماعية معجونة بالتعايش الطويل هذا. ما ثمّاش مدينة ولاّ دشرة في البلاد ما عندهاش حارتها. في برشا فترات كان ثمّة يهود مستشارين عند الملوك. وأقرب منّا، برشا منهم ناضلو على استقلال بلادهم.

 الماخذة بين يهود ومسلمين ما كانتش زادة حاجة نادرة ياسر رغم الّي الناس، في المجتمعات الي الطائفية الدّينية فيها قويّة، ياسر ياخذو من فرد عايلة. وعلى عكس الجزائرمثلا، الجنسية التونسية محكومة بالحضور في البلاد وماهيش مربوطة بالدّين. وهاالتاريخ الغني يفسّر انّو رئيس دولة ينجّم يزور جامع اليهود كيف المنصف المرزوقي وقتلّي مشى نهار 11 أفريل للغريبة في جربة وصرّح الّي كلّ اعتداء على حقوق اليهود يعتبر اعتداء على التوانسة الكلّ. واليوم برشا توانسة يعتبرو الي بفقدان هالأقليّة البلاد فقدت طرف من روحها.

 أغلب الظنّ انّو بعد سنين قلال باش يولّي ما عادش ثمّة يهود في تونس. مكثر النّاس باش تنساهم على خاطر حدّ ما حكى للصّغار وللشباب على وجودهم المتجذّر في البلاد من آلاف السنين. في مخّ مكثرهم، وهم الصهيونية العالمية عوّض واقع المواطن اليهودي ولد البلاد. بالحقّ، ماناش باش ننجّمو نصحّحو المسار مادام الشعب الفلسطيني ما استرجعش حقّو في الوطن متاعو. أمّا خُلف المسألة المبدئيّة هذي، لازم يجي نهار يتحمّلو فيه التوانسة جزءهم من مسؤولية اندثار وحدة من أقدم مكوّنات المجتمع متاعهم. كلّ شعب، باش يكون عندو مستقبل، لازمو يستعرف بماضيه الكلّ. هذا هو الثمن باش تكون الديموقراطية الي يحبّو يبداو يبنيو فيها ديمقراطية متينة ومبنية على قاعدة صحيحة.

صوفي بسيس

ليدرز، 12 ماي 2012

 ترجمته عن الفرنسية : هاجر بودن

Show More
Close