« حول الأوضاع اللّغويّة في تونس » بقلم هاجر بودن

لقد بدا المنصف المرزوقي، في مقال نشره في أوائل نوفمبر الماضي على موقع قناة “الجزيرة”، أي قبل تسلّمه مقاليد رئاسة الجمهورية، مستاءا جدّا من الحال التي آلت إليه لغتنا في تونس. وما يطغى على هذا المقال هو لهجة تقزّز أمام ما يسمّيه “انفلاتا لُغويّا” كمن يشمئزّ من انحلال أخلاقي، فخطابه ليس بعيدا عن خطابات الآمرين بالمعروف والنّاهين عن المنكر.

لسائل أن يسأل: عن أيّ لغة يتكلّم؟ أوّل شيء بدأ به تشخيصه لما سمّاه “انفلاتا لغويا”ـ انفلات لغوي يا بو الرّب قالّي واحد صاحبي ـ في هالمقال الّي بكلّو مصطلحات ترهيب متع واحد يطلب اللّطف من صاحب اللّطف، هو كيفاش كيفاش ثمّة ناس يكتبو الدارجة التونسية بأحرف لاتينية على فايسبوك وانترنات بصفة عامّة. وقالّك يا ليتو جا الشيء هذا على انترنات برك، وقتها يتسمّى الهْوَن، أمّا الي أخطر هو الكلام الي نسمعو فيه على لسان الصحفيين والمنشطين في الإذاعات والتلافز الحرّة، لغة مخلّطة مجلّطة، دارجة وفصحى وفرانساوية، لغة “هجيبة” قالّك، الواحد يلزمو أعصاب من حديد باش يتحمّلها.

باهي. من بعد طول، لا بالك لا وسّع، دخل في الأحزاب والدّولة بيدها الي  ساعات يستعملوا اللغة الدّارجة، حتّى وحدها ولا تشوبها شائبة، مثلا شعارات الهيئة المستقلّة للانتخابات ـ الي هي مستقلّة أمّا شعلينا ـ من نوع  “وقيّت باش تقيّد” أي “حان الوقت للتّسجيل” ـ شوفوا قدّاش خفيفة وموش ركيكة حتّى طرف. والأدهى والأمرّ، بالنسبة ليه، هو استفحال المرض هذا ـ الي باش يطلع سرطان جملة وحدة ـ  في جميع الأقطار العربية بما إنّو “يكفي أن ينظر المرء لتعليقات قرّاء الجزيرة نت ليكتشف أن تونس ليست البلد العربي الوحيد الذي يعاني” من الظاهرة هاذي.

ما نقولش الي الظاهرة هاذي موش موجودة، وقبل كلّ شيء هي مجموعة ظواهر موش واحدة برك : أوّلا، الكلام الي يسمع فيه في الإذاعات والتلافز كلام موش كتيبة، وثانيا، الكتيبة بأحرف لاتينية ماهيش كلام أمّا كتيبة، وأضعف الإيمان هو التفريق بين الإثنين. بالنسبة للكتيبة، إذا كان سبب الغشّ هذايا الكلّ هو إنّو ما يفهمش الشيء المكتوب هكّا، سامحوني أمّا هذا موش سبب مُقنع. أنا بيدي نبدا نقرا ونعكّز على خاطرها جديدة علىّ، أمّا بالشوية بالشوية ولّيت نفهم. ما ثمّاش علاش واحد يعمل قاوق، ماهيش علم اليدنّ زادة. وفي كلّ الأحوال، كان الواحد موش مستعدّ، موش بالسّيف، ينجّم يصرف النّظر ويبدّل ساعة بساعة ويقرا حاجة أخرى : ياخي من قلّة ما قاعد يتكتب ويتنشر بالعربي بحروف بالعربي كلّ يوم؟

مخّ الهدرة نلقاووه في عنوان المقال : “أىّ لغة سيتكلّم العرب القرن المقبل ؟” العنوان هذا فيه كلّ شيء : حطّان العرب الكلّ في شكارة وحدة، والتفكير في القرن الجاي بدون التمعّن بجدّية في وقتنا هذا.

و”عَلَيْه”، كيما يقولوا برشا أفوكاتيّة من نوّابنا في المجلس التأسيسي، خلّينا يا عمّي في النّهار ده.

في وسط المقال، يطرح المرزوقي مجموعة من الأسئلة المعقولة جدّا باش من بعد يجاوب عليها :

“لنتفحص الظاهرة بإلقاء كل الأسئلة المحرجة : أليس التلاقح اللغوي ظاهرة قديمة قدم الزمان؟ وهل تكلم شعبنا منذ قرطاج غير خليط لغوي، خاصة على السواحل حيث كانت شعوب البحر المشترك تتلاقى وتتبادل السلع والكلمات؟ أليس من طبيعة اللغات أن تتطور بالتبادل المتواصل؟ ألا توجد مئات الكلمات في عاميتنا من أصل إيطالي وفرنسي؟ أليس قدر العربية أن تنجب -على غرار اللاتينية- “عربيات” لها من الآن أدباء كبار مثل شاعر ”المصرية” الأبنودي وشاعر ”التونسية” البرغوثي؟ أليس موقفي موقف شيخ لا يفهم الشباب أو مثقف لا يريد أن يغطي الانفلات على ضعف من لم يسعفهم الحظ مثلي بالتعليم الجيد؟ أليس من فضائل هذا الانفلات أنه يسوي ديمقراطيا بين من يعرف الكتابة ومن لا يجيدها؟ أليس موقفا نخبويا ينم عن احتقار لا واع ”للعامة” وللغتها؟ أليست الفصحى لغة نخبة فرضت على الناس وألجمت أفواههم وعقدت من لا يتكلمها ومن لا يفهمها؟ ألا يمكن القول إنه كان هنالك قبل الثورة استبداد لغوي فرضته النخب المستعربة مانعة الفئات الاجتماعية المقهورة لغويا من الحديث بلغتها، وإنه بمناسبة التحرر السياسي استردت الجماهير الحق في الحديث بلغتها؟”

كيفاش يجاوب ؟

ـ يقلّك ما ثمّاش صراع أجيال بما أنّو يعرف شبّان يتقنوا الفصحى وشياب الله غالب عليهم. الكلام الي يقول فيه هوني صحيح، الباهي والحلبة في اللغة العربية في كلّ بقعة ومن جميع الأعمار، أمّا ما عندنا حتّى إحصائيّات تمدّنا بالنّسب الي باش تعطينا نظرة على مدى إتقان أفراد الشعب التونسي للفصحى، لا باش نبداو نتغبّنوا ولاّ شيء، باش نعرفوا، نفهموا، نقيّموا جدّيا حالة التعليم عنّا ونحسّنوا المناهج إلخ. هذا من جهة. من جهة أخرى هذا ماهوش برهان على إنّو ما ثمّاش صراع أجيال من وراء ظهور ثقافات لغوية جديدة ومتجدّّدة وفي المجتمعات الكلّ. أحنا ماناش مطلّعين حتّي باش شبابنا ما يطلّعوش هوما زادة مصطلحات وعبارات وطرق تواصل طريفة ما يفهموها كان هوما ومن بعد البعض منها ينصهر في اللغة العامّة. ثمّة عبارات تبقى وثمّة أخرينة تندثر ولّا تقعد تفكّر البعض في شبابهم. وكان نحبّوا بالحقّ نخدموا على ثراء اللغة ننجموا نعملولهم معاجم ونوثّقوهم، موش باش نقعدوا نعبدوا فيهم عبادة، أمّا خسارة بالحقّ يمشيوا في خبر كان على خاطرهم ما يتقرّاوش في المكاتب. في التسعينات مثلا في تونس، طلعت عبارات ديما الكبار يظهرولهم ماسطين واحنا يعجبونا : “تقلق إنت؟ كان قلقت، مرْوح، وكان عرقت دوّش بالبارد”، الّى عندها فرد معنى هي و “كان عجبك عجبك، كان ما عجبكش اشكي للعروي” ولّا “كسّر راسك على حيط”. يعني من طبيعة اللغات أن يخلق الشباب من صلبها عبارات جديدة. أنا بابا وقت الي كنت مراهقة قتلو مرّة “هاك حاطط الحطّة اليوم” ياخي جاوبني “حاطط الحطّة على خاطرك ما تحبّش تفهم!”. أنا نجبد عليه بالمرتاح، نفدلك عليه وهو يسخايلني قتلو “شبيك عاطس”… وقتها، كلمة “عاطس” كانت جديدة وهو دخل بعضو على خاطر المصطلحات هذيكة الكلّ مازالت ما دخلتش في قاموسو ويبدا عامل جوّ علينا آش نطلّعوا. صراع أجيال موش معنتها الصغار والكبار باش يجبدوا على بعضهم السيوفة، أمّا كلّ جيل  عندو ثقافة لغويّة خاصّة ثمّة كبار تعجبهم ويشوفوا فيها حيوية اللغة وثمّة كبار أخرين ـ كيما دكتورنا ـ يتنبزوا منها ولّا كيفاش، ويولّيو يسخّطو ويلخّطو ويتنادبو على اللغة والقيم والمثل وهاو يا حسرة على بكري كنّا متربّين وهذوما صغار اليوم ما عادوا محترمين شيء وهات من آكاللّاوي. الحكاية هذي موجودة في كلّ برّ، معركة القديم والجديد معروفة. فقط إنّه سي المرزوقي الي شخصيّا ما كنتش عندي علم كبير بتفكيره ظهر مالمحافظين المتشدّدين والسّلام. كان يحبّ يفهم بعض مصطلحات متع شبابنا اليوم، ينجّم يطّلع على الموقع النّاشئ La3rouss.

ـ يقلّك زادة موش ثأر شعب مقموع لغويّا على نُخب تتحذلق بالفصحى. لا لا بالمن جدّ، موش ثار، فاش قام الثار على الفصحى ؟ السّاعة أوّلا الظاهرة هذي ماهيش جديدة تولدت مع الثورة ولّا حتّى قبلها بشويّة برك، أمّا ليها توّا سنين. هي مربوطة بوسائل الاتصال الحديثة وهو بيده قالها، حكاية مفاتح وحروف ساعات ما تلقاهمش عالكمبيوتر ـ خل نقولوها كيما الشرقيين بما أنّها الكلمة كي نقولوها بالسّوري تولّي فرنكوفونية وماسونية وكيف يقولوها هوما وهي جاية من الانقليزية برشا تظهرلهم كاينّي ربّ الفصحى وتجيهم أحلى من العسل، أمّا هذا موضوع آخر تو نرجعلو لاحقا ـ وعلى التلفونات الجوّالة ـ بالعربي البورتابل. ما بعدنا على الثار. تي بالعكس، هي تعبير على إصرار عالكتيبة بالعربي، دارجة كانت أم فصحى، رغم العوائق التكنولوجية، وهي في حدّ ذاتها فيها إبداع بما إنّها الأصوات العربية الي ما تقابلهاش حروف لاتينية لقاولها حلّ : اعتماد الأرقام على أساس الشّبه، ال”ق” ولّات 9، وال”ح” ولّات 7، وال”ع” 3 وهلمّ جرّ. فيها، صحيح، تخيير الشفاهي على الكتابي و عند البعض ولّا الكثير ـ ما نعرفش ـ قفز على قواعد الرّسم وانعتاق من الخوف من الأحكام على المستوى اللغوي، أمّا موش عند الناس الكلّ بالطبيعة، بما أنّو ثمّة شكون يستعمل الكتيبة هذي وهو طيّارة في الفصحى وفي الفرانساوية زادة. ينجّم يكون ثأر على استبداد اللغة الخشبية إيه، الي هي في أغلب الأوقات بالفصحى (ما فيها باس لو كان ما ننساوش ” الوفاء لأوفى الأوفياء” ولّا ” إنّ السّابع من نوفمبر راهن على الشّباب فلنكن في مستوى الرّهان” إلخ.، وّلّا نبداو من توّا ناخذو حذرنا من “ترحّما على أرواح الشّهداء الأبرار” و “تحقيقا لأهداف الثورة المجيدة”) ‪ أمّا موش على الفصحى ككلّ. وزيد كيف يقول دكتورنا الي الفصحى ما كانتش وقت الاستبداد لغة الإدارة ولغة التعليم العالي والبحث العلمي، موش صحيح. الإدارة في تونس ليها برشا الّي ما تستعمل كان العربية، والتعليم العالي فيه وفيه، إنت والمادّة. في العلوم الإنسانية الكلّ، العربية هي اللغة المعتمدة إلّا في علم النّفس. وفي التّاريخ مثلا، ما يتقرّا بالفرنساوية كان تاريخ الغرب (كونش عاد كان يحبّ نولّيو نقرّيو السوري والانقليز واللغات الأخرى بالعربية، هذيكة حاجة أخرى). هذا زادة يستوجب أنّنا نتفحّصو في المعطيات الكلّ بدقّة. ويظهرلي المشكلة ماهيش مشكلة اللغة بقدر ما هي مشكلة التعليم الكلّ، ومكانة المواد الأدبية بالنسبة للمواد العلمية، وكيفاش المنظومة التربوية عنّا عاملة الفروع الأدبية فروع ما توجّهلها كان الضعيف في كلّ شيء.

ـ  قالّك “الفرنكو ـ عربي” الي مهيمن على الإعلام موش “لهجة الشمال الغربي أو الجنوب التي تكاد تكون عربية فصحى”. منين جاب الفكرة هذي الي لهجات الشمال والجنوب أقرب للفصحى؟ الموّال هذا مستانس يجينا من الشرق ـ وبرّاو شوفوا التعليقات الي بعد المقال على موقع الجزيرة تو تعاودوا تسمعوه. كلّ واحد يقلّك أنا أقرب للفصحى وبالطبيعة برشا من الشرقيين يسخايلوا لهجاتهم أقرب للفصحى من لهجات أهل المغرب، وبالأخصّ لهجات المغرب الأقصى والجزائر الّي “عن جدّ مش عم نفهمهن، التونسي أهون والله بس هنّ ما بيحكو عربي”…. معنتها كنّا نقاسيو في بهامة على صعيد البلدان العربية مع الي تابعها من أنواع العنصرية والإقصاء على أساس اللغة، وما صدّق لربّي الأمور بدات تتبدّل بعد الثورة وولّاو التوانسة أبطال قدّام وخيّانهم، باش نولّيو نعانيو من الشيء هذا داخل تونس بيدها ؟ ما تزّيناش الجهويّات الموجودة والتمسخير على اللّهجات الي عندنا باش نزيدو نعملولهم طاولة وكراسي؟ حتّى شيء ما يُثبت الّي اللّهجة هذي أقرب للفصحى من الأخرى، على خاطر كلّ عامّية وخاصّياتها. وبعد هذا ودونه، ما نراش علاش حكاية القرب والبعد بالنسبة للفُصحى تنجّم تفيدنا. زعما أما أصحّ : “طماطم” ولّا “بَنَدورة” ولّا “ماطيشة” ؟ العامّيات ما همش معجونين بالعربيّة وحدها، الّي هي بيدها ماهيش حاجة مطلقة موجودة منذ الأزل، وحتّى لغة ما تنجّم تكون هكّا بما أنّه اللغة مربوطة ديما بالبشر الّي يستعمل فيها.

ـ قالّك زادة القضيّة ماهيش تناقض بين فصحى وعامّية وما ثمّاش زادة عامّية وحدة بل عاميّات. أيّ باهي، هذي كليمة باهية. أمّا طول ينقّز يحكي ـ كيف العادة أمّا أهوك بدينا نستانسوا ـ على ناس يطالبوا باش نعودو ما نكتبو كان بالدّارجة الي هي ركيزة هويّتنا المزعومة يقول هو. والله كان يقوللنا شكونهم هذوما، يسمّيهم ولّا يعرّف بيهم شويّة، ما فيها باس. ما نقولش الي النغمة هذي زادة ما صادفتنيش. لا، سمعتها، وثمّة حتّى شكون قال لي نهار، وليها ياسر الحكاية، الّي لغة “حدّث أبو هريرة قال”، متع محمود المسعدي، حكاية فارغة والدّليل انّو هو ينجّم يترجم الكتاب بيدو للدّارجة. نتفكّر جيت باش نجاوب ومن بعد رخّيت : فاش قام الواحد يشيّح في ريقو على كلام فارغ ؟ يحبّ يقول الي التخلويض بخصوص اللغة في تونس موجود، أمّا والحقّ يُقال، فكرة انّنا نتخلّاو جملة وتفصيلا على الفصحى ما صادفتني كان مرّات أمّا على فايسبوك وإلّا من طرف ناس يضلعوا بالعربية ويحبّوا يحرّموها بمنطق مادامني ما ننجّمش نلعب خل نحرّم : يبداو ما يعرفوش الفصحى ويقولولك راهي ما عندها حتّى علا قة بالدّارجة، وهوما ما عندهمش الإمكانية، أساسا، باش يفيقو بالعلاقة الوطيدة بين الزّوز. بالحقّ، ثمّة توانسة ما يقراوش الفصحى ويفهموها بالسّيف ولّا حتّى ما يفهموهاش بالكلّ، قرّاوهم والديهم في المعاهد الفرانساوية ومنهم ـ موش الكلّ ـ شكون لقى روحو يشطح شويّة في الدّروج ولّا يحقر العربي ويعتبرو لغة متع تخلّف ومتع تقاليد بالية، ولّا يتعامل مع المجتمع التونسي كاينّو توريست ضايع، ولّا يتعالى على النّاس. النقطة هذي لازم زادة نتوقّفو عليها وعلى أبعادها السوسيولوجية والثقافية إلى آخره. أمّا عمري ما قريت مقال كاتبو مثلا واحد من أعضاء مجلسنا التأسيسي الجديد، ولّا حتى من طرف مُرشّح كلا كبّوط، وإلّا واحد من مثقّفينا يطالب بالتخلّي على الفصحى. يعني ماذا بي نعرف إذا كان سي المرزوقي قاعد يجاوب في حدّ ولّا كلامو مبني على حديث يدور بين بعض النّاس أكهو. على خاطر توّا ولّات عنّا حاجة اسمها فضاء عمومي تتطلّب شويّة مسؤولية موش استناد على إذاعة قالوا. وبعد هذا ودونه، لغتنا التونسية ركيزة من ركائز هويّتنا، علاش يقول عليها ركيزة مزعومة؟ ياخي موش ركيزة؟ معنتها إن شاء الله بعد قرن باش تندثر اللغة التونسية وتولّي العرب الكلّ تحكي كالجزيرة؟ مااحلانا وقتها تو نولّيو نعشّقوا : لا تمقعير، لا تنبير، لا دقّان حنك ولا هم يحزنون. والله العربية الفصحى على الرّاس والعين، أمّا كلّ حاجة في بقعتها. وداخللنا في دعازق ما عندها حتّى موجب، كلمة أنا كيفاش باش نكتبوها : “أني” ولّا “آني” ولّا “ناي” ولّا “آنا”. فاش السّاعة؟ والله كان في إنشاء ولّا في جواب للإدارة نقعدوا نكتبوا فيها كيما تو. أمّا كان في مقال ولّا مسرحية ولّا قصيدة كلّ حدّ يكتبها كيما يحبّ، شنوّة المشكل. هو يفكّر كاينّهم العباد عبد واحد والميادين ميدان واحد، كاينّو ما ثمّاش بتاتا حاجة اسمها حرّية التعبير، هاو الصّحيح وهاو الشيء الي يقرّس (ممصتها الكلمة خرجت، كي نكتبها هكّ تخرج مفهومة أكثر igarress، موش على حاجة أمّا على حرف القاف الي ما يتكتب إلّا كيفما ينطقوا بيه في الفصحى وأنا حاجتي بالقاف الأخرى، متع “منقالة” و “قيتون” و “ريقلة” و “قيتارة” و “قاراج” و… “ديقاج”. إن شاء الله آلات الحسوب الي باش نبدعوهم من هنا لقرن يخمّمولنا في هالحرف الي موجود من المحيط إلى الخليج والي لتوا مش عاملينلو فلسة كيف الحروف الأخرين، شخلّاهم في الشرق يكتبوه “ج” ساعات، وفي المغرب “ك”. حرّية التعبير من هوني تبدا، على خاطر ما يُسمّى بالمضمون جزء لا يتجزّأ ممّا يسمّى بالشّكل، وفي بالي ثُنائية كيما هاذي أكل عليها الدّهر وشرب.

ـ صحيح اللغة العربية لغة حيّة وماذا بيه الواحد يجاوبو قول لروحك! تو مالصباح وهو يتقهّر عليها وطلعت لغة لا باس عليها وما عندها مناش تخاف. قالّك الدّارجة متع كلّ بلاد ما تنجّمش يقودها مسار حتمي إلى الانفصال تماما عن الفصحى كيما صار للّغات من أصل لاتيني، يعني الفرانساويّة والطّليانية والإسبانية والرّومانية والبرتغالية. وبالحقّ، اللّاتينية وقتها ماتت، والعربية توّا ما زالت حيّة تُرزق، والمرزوقي بنفسه يقول ويعاود : “بل في اتساع مطرد حيث يتزايد بالتعليم والإعلام عدد من يفهمونها ومن يتكلّمونها داخل الفضاء العربي”. يا سيدي امّالة شغاصرك؟ والله حتّى لهوني متّفقين، أمّا من بعد يكمّل : “ويزداد توسّعها خارج فضائها الطبيعي بانتشار الإسلام والثقافة الإسلامية”. علاش يزداد، ما فهمتش. ياخي معمّل على فتوحات جديدة ولّا شنوّة ؟ ويزيد : ” هي أيضا لغة فريدة من نوعها إذ تملك خلافا لكلّ لغات الدّنيا نوعا من التّأمين على الحياة، فطالما بقي القرآن ستبقى العربية تتطوّر وتتراكم حولها عاميات لا تبعد عنها”. يعني القرآن ولّى تأمين على الحياة، صورة موش حلوّة حتّى طرف على خاطر التأمين على الحياة ما يمنعش الواحد باش يموت أمّا يدفع فلوس للأهل من بعد منام عينه وان شاء الله بعد عمر طويل. ينجّم يجيه واحد صعيب، من الّي يشّدّو ما يسيّبو في الشقيقة والرّقيقة، ويتهمو حتّى بالكفر، وقتها يا خيبة المسعى عاد… أمّا أخطى حديث اللّعب، الإسلام والثقافة الإسلامية منتشرين بَعْدَه، والانتشار هذا ما يعنيش الي اللغة العربية منتشرة قدُّه. واش خصّ عاد، وقتها ولّي مسلم تلقى روحك تحكي بالعربية. تهاني نشوف فيهم، أغلبية المسلمين في فرانسا صغارهم ما تحكيش بالعربي. يبعثوهم للمدارس القرآنية يتعلّموا شوية قرآن باش ينجّموا يصلّيوا، شوية قواعد أخلاقية بالعربي وهزّ يدّك مالطبق لا تتحرق. وفي البلدان الإسلامية غير العربية الناس يحكيو بلغتهم، وهذا طبيعي. وزيد على هذا، العربية ما تقتصرش على القرآن، واللغة الفصحى الي نكتبوا فيها اليوم ماهيش لغة القرآن الي هو بيده حالة خاصّة ونصّ فريد. نقصد قرآن عثمان الّي اتّفقوا عليه السّنّة، على خاطر كان صدّقني ربّي، قرآن الشيعة يختلف عليه شويّة. ما نيش مختصّة في الدّراسات القرآنية، أمّا سمعت مرّة محاضرة على آخر نسخة للقرآن لقاوها باحثين في صنعاء وشخصيّا تعلّمت منها برشا حاجات، مثلا :

 ـ في الوقت الّي تكتب فيه القرآن، ما كانت الحروف لا تتشكل ولا حتّى تتنقّط، وهذا يعني الّي برشا كلمات كانت تنجّم تتقرا بطرق مختلفة.

 ـ ما كانتش السُّور مبوّبة ومرتّبة كيما نعرفوها، وحتّى البسملة، في النسخة هذي، ما هيش مكتوبة قبل كلّ سورة.

 ـ الآيات بيدها ماهيش مرقّمة كيما نعرفوها.

 ـ اللغة القرآنية مصنوعة من مصطلحات جاية من لُغات ساميّة أخرى.

يعني لغة القرآن من أوّلها لغة هي بيدها وليدة خليط، كيما اللّغات الكلّ. كونه كتاب مُقدّس ما يمنعش الّي هو زادة برهان على حيويّة اللغة.

ماغناك عاد العربية الفصحى بصفة عامّة على اختلاف النّصوص الي تكتبت فيها، الي هي كيف اللغات الحيّة الكلّ، في تطوّر مستمرّ، والي ساهموا في تطويرها ما همش الكلّ مسلمين ولّا حتّي يحيلوا بالضرورة إلى خاصّيات إسلامية : شوف قدّاش من كاتب وشاعر مسيحي بدع فيها وغذّى التّراث العربي باش ما نبعدوش بعيد ياسر. وماذا بينا نعرفو زادة كيفاش تكوّنت العربية الفصحى، منين جات وكيفاش تبدّلت عبر العصور. الناس الكلّ ماشي في بالهم الي هي هي مالجاهلية حتّى لتوّ، والي الناس مثلا في عهد الرّسول كانت في الجزيرة العربية تحكي بالفصحى متع قصائد الخنساء وامرؤ القيس. هذا الكلّ في جُرّة حوارات الأفلام والمسلسلات “التاريخية”. أنا ما عندي حتّى علم بالهدرة هذي أمّا نقول يا ذنوبي، يظهرلي غلّطونا، قالشي لاخر. على كلِّ حال، السؤال يطرح نفسو وماذا بينا توضيحات جادّة في الموضوع هذا. ويخلف على يوسف شاهين الّي نفّسنا في أفلام كيما “المهاجر” و”المصير” بحواراتها بالدّارجة، على خاطر اللغة الي يستعملو فيها في الأفلام داخلة في اختيار المخرج وماهيش من باب الواقعية التاريخية.

ـ الحاصلو الصندي بالنسبة للمرزوقي يقتصر على فكرة واحدة : الي سمّاه “كريوول”  انتشر على خاطر النخبة الي تتقن العربي والسوري “فشلت في تعميم ثقافة النخبة ومع انتشار التعليم وهبوط مستواه” وحل المنجل في القُلّة. السّاعة تعريفو للكريوول يبهّت، وبالأخصّ كيف يبدا جاي من إنسان ناضل في سبيل حقوق الإنسان : اللغة “السّائدة في جزر الكراييب والمحيط الهادي حيث تتشكّل اللغة من خليط غريب من لغات أوروبية وافريقية”. يا خويا الخليط هذا غريب عليك إنت أمّا موش غريب على أمّاليه، وكلام كيما هكّ كان ما هوش عنصري راهو يشبّه ياسر للعنصريّة. لكن السبب هذا شيء، يتسمّى، قدّام المؤامرة الي قاعدة تشنّ فيها “أطراف متغرّبة معادية للثورة عبر تلفزيوناتها وإذاعاتها” وتحبّ “تعزلنا على محيطنا العربي”. كلام خطير ياسر. ما دام ثمّة فريقين، واحد متغرّب وبيّوع ويكره العربية والعرب، وواحد وطني ويحبّ العربية والدارجة المهذّبة والعرب، يولّي مستقبلنا اللّغوي مرهون في انتصار فريق على الآخر. هذه هي الفكرة بالظّبط  : يا ابيض يا اسود، أمّا طورة ولّا فورة، أمّا حنى ولّا برك. والفريق الي ختارو هو بالطبيعة الفريق الوطني الباهي الي يحبّ العربية والدارجة المهذّبة.  جاب ربّي تكتب المقال بعد الانتخابات وبعد ما ربح فريقو هو، المزيان التحفون الي يركّب ستة وستين كيف. ما يجيش لبالو الي ثمّة ناس وطنيين ولا يكرهوا لا العربية ولا العرب ويحبّوا زادة الدّارجة موش كان المهذّبة والفرانساوية الي هي لغة من لغاتهم؟ ياخي الفرنساوية لغة فرانسا واكهو؟ الي ننجّموا نستشفّوه من كلامه هو إنّو ما زال عايش على أيّامات الإستعمار. الفرنساوية، شئنا أم أبينا، دخلت في ثقافتنا وولّات ثمّة، من بين الثقافات الموجودة في تونس، ثقافة تعبّر على نفسها باللّغة هذي. المطلوب موش إصدار الأحكام بالباهي ولّا بالخايب، المطلوب هو فهم موقع اللغة الفرانساوية في المجتمع متاعنا، وحتّى خدمة جدّية ما تنجّم تتعمل على اللغة في مجال التعليم ـ سواء كنّا من أنصار التعريب الجزئي ولاّ الكلّي والي تحبّ إنت ـ من غير ما نتوقّفو على النّقطة هذي. والغريب جدّا إنو ما يجبدش تقريب عليها بالكلّ، كاينّي حاجة عرضيّة، كاينّو هو بيدو ما كتبش بيها قدّاش من كتاب.  نسى الي من الأسباب الي هلهلت المستوى التعليمي في تونس هي سياسات التعريب الفجّة والي نهار نهارين وهوما يبدّلوا فيها، وبصفة عامّة من غير استشارة أهل الذّكر، كيما في الميادين الكلّ. الّي عدّى الباكالوريا في الثمانينات يتفكّرو الي الفرانساويّة كانت، في جرّة سياسة محمد مزالي، مادّة اختيارية وفي شعبة الآداب مالفوق. يعني في المجال هذا تعلّموا الحجامة في روس اليتامى قدّ ما حبّو واشتهاو، وما ثمّة كان الدزيرية طيّحو علينا.

وجاب ربّي عامل روحه يدافع على التّرجمة. ياخي ناسي الّي برشا من الكتب الي قريناهم وحبّيناهم مكتوبين بالفرنساوية حتّى كان موش كاتبينهم فرنسيس؟ الي مترجم للفرنساويّة من التراث العالمي أكثر بياسر من الّي مترجم للعربيّة. التعريب الكلّي للتعليم في تونس يعني لا أكثر ولا أقلّ الاستغناء عن أكبر شبّاك محلول على العالم. الله غالب أمّا في الوقت الحاضر هذه هي الحقيقة. شنو معنتها التعريب الكلّي للجامعة؟ يعنى نلوّحو الّي كتبوه التوانسة بالفرنساوية من أبحاث وأطروحات وندوّرو وجوهنا على ثمرة جهود هي بيدها ؟ بحيث هذا شىء موش معقول بالكلّ، ما ينجّم يقولو كان واحد متملّح مالمعرفة والفكر والبحث والأدب والعلوم الكلّ. وثاني حاجة، حتّى الّي كتبوه وأنتجوه الفرنسيس بيدهم، ياخي شويّة ولّا الّي جاي منهم لازمو ديما يكون دوني وبيه وعليه قال شنوّة قال تبعيّة وهُويّة؟ حرام الواحد يقرا بروست وبودلير ويتمتّع ويستنفع؟ حرام يسمع بياف وبراسانس؟ حرام يتفرّج في أفلام كارني ورونوار وتروفو ويفهم مثلا حوارات واحد كيما أوديار؟ ياخي علاقتنا بالتراث الفرانساوي ما ينجّم يكون كان علاقة تبعيّة وأداة لطمس شخصيّتنا؟ راهو الّي شخصيته تتطمس بالسّهولة هذي يعني ما عندوش شخصيّة بالكلّ. وأخطى فرانسا بيدها : الفرنكوفونية موجودة في ألف بلاد، منها الجزائر والمغرب وموريطانيا وبرشا بلدان إفريقيّة أخرى عنّا معاهم علاقات يدخل فيها استعمال الفرانساوية. نبطّلوا امّالة ما نتواصلوش معاهم بالسّوري على خاطر احنا عرب؟ ولّا نقعدوا نستنّاو حتّى العربية تكتسح العام وتولّي النّاس الكل تحكي بيها؟ ثمّة مثلا قبايليّة العربي خرجّلهم من خشمهم على ما مرجوهم بيه وأحيانا حتّى عّذبوهم في جُرّتو. البوليس السّياسي في الجزائر وصل يوكّل للمناضلين القبايليّة أوراق جرائد مكتوبة بالعربي، يعني عنف كبير بسم اللغة، لغة يحبّو يدخّلوهالهم بالقمع. لا، نقولوا هالقبايلية هذوما نبعثوهم يقضيوا، نقاطعوهم على خاطر ما يحبّوش العربي؟ بصرف النّظر على إذا كنّا موافقينهم ولّا لا، أنا نحكي على سبل التّواصل الي ماذا بيه الواحد يخلّيها مفتوحة. ثمّة نكتة جزايرية عسل،  الله غالب ما تتحكى كان شطر بالعربي وشطر بالسوري، تعبّر على الحكاية هذي بالظبط : سؤال : راك تهدر العرْبيّة ؟ جواب : uniquement sous la torture‪!

نعرف الّي المرزوقي حكى زادة على اللغة البربرية الي لازمنا نستعرفوا بيها في تونس وتولّي تقراها النّاس الكلّ على خاطر، يقول هو، العروبة ماهيش حاجة مبنية على العرق بل على اللغة وبناءا على هذا ننجّمو نعتبرو تقريبا الّي الأمازيغ هوما زادة عرب. برشا ينجّموا يجاوبوه يعني معيز ولو طارو. السّاعة الإعتراف باللّغة الأمازيغية، الي هو حاجة باهية في حدّ ذاتو، ما يجبرناش باش نلوّجوا على هُويّة وحدة ومتعالية نحشيو فيها كلّ شيء. واش كان عليه لو كان نعترفوا بالأمازيغيّة كلغة من لغاتنا من غير ما نحطّوها في خانة العروبة حتّى لو كان الي مازالو يتكلّمو فيها في تونس أقلّيّة، ونخرجوا مالمعبوكة هذي متع من جهة، كيما قال السيد الطاهر هميلة، الي ما يسعرفش الي تونس من أوّل الدّنيا عربية إسلاميّة يُعتبر “حُثالة”، ومن جهة أخرى، كيما يقولو بعض المناضلين الأمازيغ ـ في الجزائر والمغرب ـ على خاطر في تونس صوتهم ما يوصل كان بالسّيف، وفي مصر ما قال حدّ لحدّ ـ متع أحنا بربر والعرب احتلّونا وبيهم وعليهم وما يربطنا بيهم شيء. لو كان نعطيو اللغة البربرية بقعتها ننجّمو نتعلّمو برشا حاجات على عامّيات شمال إفريقيا الكلّ. من البديهي انّو العربي والبربري ما ينجّموش يكونو احتكّو ببعضهم هالقرون الكلّ وما تأثّروش ببعضهم.

أمّا الّي باين وجليّ هو انّو ما تطرّق للّغة هذي وعطاها كار، كيما نادى بتعليم اللغات الإفريقيّة زادة (تهوما في برشا بلدان إفريقية معتمدين مثلا الفرانساوية على خاطر ساعات من منطقة لمنطقة اللغة تتبدّل، أمّا شعلينا)، إلّا لضرب اللغة الفرانساوية الّي يحبّها تولّي لغة من بين الللغات العديدة الي يتقرّاو في المعاهد الثانويّة : ” كأن يكون لنا في تونس معاهد ثانوية نموذجية تونسية ـ فرنسية، تونسية ـ انقليزية، تونسية ـ صينية، تونسية ـ يابانية، تونسية ـ كورية، تونسية ـ برتغالية، تونسية ـ إسبانية، تكوّن لنا أجيالا منفتحة على أكثر من نافذة ثقافية”. علاش لا، وعلاش معاهد نموذجيّة برك، احنا صرفنا صرفنا. الفكرة تظهر باهية في الأوّل امّا في الأوّل برك، على خاطر حطّان الفرنساوية في تونس والمغرب الكبير في مقام اليابانية مثلا تظهرلي حاجة ما هيش صحيحة. حبّينا ولّا كرهنا، بقعة الفرانساوية في بلادنا خاصّة. عنّا معاها تاريخ وبرشا منّا تربطنا بيها محبّة، إي نعم محبّة. والشيء هذا هو بيدو المرزوقي يقول فيه، أمّا بالطبيعة موش على موقع “الجزيرة” : لا، على الموقع الفرنساوي “ميديابارت” : وقتلّي يبدا قدّامو واحد كيما ادوي بلينال، الهدرة تتبدّل تقولش عليه واحد آخر يتكلّم، وهاو الرّابط هنا.

صحيح الي التبعيّة موش باهية، أمّا نعاود ونقول الي علاقتنا باللغة هذي تنجّم تكون خالية من التبعية تماما وكمالا بل إنّها  من توّ، عند الكثير، خالية من التبعيّة. وما ننساوش، كان نحبّوا نزيدوا سبب آخر لعدم تخلّينا على اللغة الفرانساوية، الي أكثر البلدان الي موجودين فيهم التوانسة هوما البلدان الفرنكوفونية وعلى راسهم فرانسا. والي ثمّة برشا توانسة، وبالأخصّ من أولاد مواطنينا بالخارج، ما يعرفوش العربية. شنعملو، نقصيوهم، نقولولهم انتوما ما كمش توانسة ؟ في عوض ما نطمّنوهم : هوما موش ناقصين مشاكل في جرّة هالهّويّة المحنونة ؟ كان تحبّ تونس تعمل حاجة تصلح في مجال اللغة، تنجّم تخلق مراكز في العالم لتعليم العربية وحتّى الدّارجة، في عوض ما تخلّي الميدان هذا بين يدين المتديّنين ولّا تعمّل على انتشار الدّين الإسلامي باش نهار الي ينوّر فيه الملح تنتشر العربية.  وتنجّم زادة تناقش السلطات الفرنسية باش ياخذو بعين الاعتبار العربية ويولّيو يقرّيوها في مدارسهم كيما لوغات أخرين، موش يقعدوا يتفرّجوا في المدارس القرآنية وفي أولاد المهاجرين الي يبداو شادّين في الدّين على خاطرو أسهل وأوضح حاجة يعبّروا بيها على ذاتهم وشخصيّتهم. أنا نبصملكم بالعشرة ولو كان هالصغار هذوما نعلّموهم اللغة والشعر والغناء إلّا ما يتفرهدو برشا وينقّصو من تديّن ساعات مُفرَط ما هو كان جواب ـ  في العديد من الحالات متشنّج ـ  على الخوف العنصري من المسلمين الي سائد في فرانسا، وردّ فعل على التهميش الي يعانيو منّو على المستوى الاجتماعي. أمّا اللغة أصعب بياسر، ويحبّلها خدمة وبرشا وقت ومثابرة هي بيدها.

قالك العربية شمس والدارجات كواكب دايرة بيها عمرها ما تبعد عليها. موش لازم ناقفوا على هالمجاز الي ما عندو حتى معنى وهات نكمّلو شوية. إذا كان العربية طبلها طاح راهو الأسباب قدّ شعر الرّاس. على قدّ ما نمدحوا فيها على قدّ مانا قاعدين نكبّولها في سعدها. السّاعة وقبل كلّ شىء باعتبارها لغة مُقدّسة ومهّذّبة بطبيعتها وصعيبة يلزم الواحد باش يكتب بيها يكون مُلمّ بعلوم الدّنيا والدّين وأبوك يُغلط يولّي كاينّه كْفَر. يعني ثمّة تقديس من جهة ونظرة ماهويّة عيّفت برشا ناس مِالصُّغرة في لغة الضّاد وهذي بالمن جدّ خسارة كبيرة.

لغة مقدّسة لأنّها لغة القرآن والحديث والفقه وكلّ ماهو مربوط بالدّين الإسلامي. داكوردو ولكن في الحقيقة ليس فقط، أمّا برشا حصروها في الصندوق هذا وولّاو ما يشوفو فيها كان لغة الأخلاق الحميدة. وحتّي النّصوص الحيّة الي مكتوبين بيها يبداو يززّرو فيهم على خاطرهم قال شنوّة قال فيهم كلام عيب، مثلا “ألف ليلة وليلة”. معنتها نحبّوها تكون لغة ناس عويقلات ما أمصتش كان لا منها. يتكّيو على جهة النّصوص الي بالفصحى لكن ما تروقلهمش، ومن بعد يقلّك العربية ما تجي كان متع أخلاق حميدة، وهي الّي تكتب فيها أنواع وأشكال وفيها، كيما اللّغات الكلّ، كلام القباحة زادة. أنا يظهرلي ظلم في هاللّغة باش يردّوها كان لغة “افتح يا سمسم” ومسلسلات دينية وشريط الأنباء وحصص الوعظ والإرشاد، معنتها الحاجات الكلّ الّي ما يجيش فيها حتّى إبداع، لكلّها إيديولوجيا ما عندها حتّى طعم. لغة متع شعارات تفدّد من المحيط إلى الخليج، أي لغة من خشب تحنّطت فيها خطابات الاستبداد والخطابات الثوريّة الفضفاضة وولّات بصفة عامّة، وفي العديد من السياقات، حاملة لمجموعة من الكليشيهات تلكلك فيها التلافز والإذاعات في تونس وفي البلدان الشّقيقة، جاية على لسانات ناس لاذات لا صفات (ولّا كيما يقولو توّا “لاكور لا ديكور”، “لا لوك لا سلوك”). وموش غريب الّي كلمة  ديقاج  هي الي دقجت ـ كلمة دارجة موجودة من قبل 14 جانفي ـ بن علي وولّاو العرب الكلّ يقولوا فيها حتّى في البلدان الي ما يتكلّموش فيها الفرنساوية بالكلّ، كيما اليمن ومصر، قبل ما يترجموها إلى  “ارحل ” الي عندها فرد معنى أمّا ما عندهاش نفس الشّحنة ونفس القوّة. علاش على خاطر  “ديقاج”  ماهيش عويقلة كيما  “ارحل” . هي كلمة خرجت للنّاس مالجواجي : التوانسة نهارتها ما كانوش يمثّلو في مسلسل تاريخي وإلّا يكتبو في إنشاء ولّا يعرضوا في محفوظات. شخلّاه بن علي بيدو، في خطابو الإخراني متع “فهمتكم” حبّ يقولو بالدّارجة زعما زعما باش يورّي الّي هو ما عادش يستفلم (وإلّا يفلّم) عالعباد. ‪تهوما السوريين بيدهم، الي شاربينها فصحى ـ ما أكثرش عاد من حزب البعث كان ينجّم يكرّه في العربية إلى أبد الآبدين ـ شعاراتهم يرفعو فيها بالفصحى وبالانقليزية وبالدّارجة. يمكن أحلى واحد طبعوه على لافتة قدّ السّخط : ” العين تطرءكن طرء”، بالهمزة موش بالقاف، يعني كيما يتنطق، خارج من الأعماق‪ ومن قاع الخابية، دعوة شرّ ما ننجموش نترجموها حرفيّا. بالتونسي تولّي :”العين تضربكم ضرب” ولّا ” العين تلطخكم لطخان”.

إذن نعاود نقولها، اللغة العربية ماهيش كان لغة “افتح يا سمسم” وبرامج جاية مالخليج كبرنا عليهم، والحمد الله لوكان ما جاتش قدرة الشعوب على التمقعير رانا توّا كالبهالل ندورو. بربّي كان الواحد يطلّ على البرامج المعمولين للصّغار، سواء على قنوات تونسية ولّا عربية، إلّا ما يندب وجهه. كيفاش نحبّوا صغارنا ما يفدّوش ؟ و برّاو تفرّجوا عالكتب متع الصّغار. أنا ملّي تولدت بنتي وأنا نلوّج ولتوّا لا لقيت كتاب بالعربي للصّغار يسبّح لربّي. نشريهم ونقراهملها وعاملة نفسي عاجبينّي على خاطر الله غالب هذاكة الموجود، أمّا ما ثمّاش واحد، على مستوى النّص ـ ما نحكيش على التّصاور والألوان الشعشاعة الي تخنفس العينين ـ يصلح. يشدّولك حكاية مالتّراث العربي ويشولقوها أيّما تشوليق. مثلا حكاية “علاء الدّين والمصباح السحري”. زعما زعما باش يحطّوا القصّة في إطارها يلخّصوا بداية “ألف ليلة وليلة”. كيفاش باش يعملوا ويحكيو على سبب غشّ شهريار على النّساء؟ يكتبوا :  “تذكّر الملك شيئا نسيه في قصره، ولذلك عاد راجعا، ولسوء الحظّ وجد أنّ زوجته تدبّر له مكيدة…” نظريّة المؤامرة، الي يعجبك فيها، تصلح لكلّ شيء صحري وبحري. والله قعدت نخمّم في السيّد الي خذا على عاتقه تقديم الكتاب كيفاش راهو زراق وخضار وحمار قبل ما يلقالنا هالجملة الرّكيكة. والكتاب لكلّه على هالمعدّل، ويعطينا مثال على مدى ارتباط رَكاكة الأسلوب بالرّكاكة بالمعنى التونسي واللّف والدّوران. والي أدهى وأمرّ إنّها حتّي حكاية “علاء الدّين” هْلكها. توّا لا فيها خيانة زوجية لا سيدي زكري، أمّا، كيف برشا قصص بالعربي، ما ثمّاش بالكلّ ما يُسمّى بعنصر التشويق. اندرا كيفاش الأحداث مسرودة بطريقة ما تخلّي لا الصغير ولا الكبير يحبّ يعرف شنوّة باش يصير. بالّازمة كان شهرزاد جات تحكي هكّة راهو شهريار قتلها ماللّيلة الأولى. وتصوّروا، هاذي حكاية أصلها الأصيل مشوّقة، كيما حكايات “ألف ليلة وليلة الكلّ”، أمّا هوما ردّوها كالأخرينة، الي بادعينهم زعما كتابنا المختصّين في الأدب للصّغار، يعني ما يشبّهوا لحتّى شيء : كلّهم وعظ وإرشاد والمتعة يجيبها ربّي. والحكايات الي حاسبة روحها تضحّك، نوع جحا وهاك الرّيق، ما يتهزّوش بمقصّ النّار. والبلدان الشقيقة، في الهدرة هاذي، ما يزيدو علينا كان بالصّبر، إذا كان موش أتعس. منهم وحدة من دار نشر سورية للأطفال، قصّة أمير يحبّ يعرّس وبدات أمّو تختارلو في عروسة ومن دون البنات الكلّ ختارتلو وحدة لا تبلّ لا تعلّ امّا الوحيدة الّي قبلت باش تقضي مالصباح للّيل وفمّها ساكت : بنية تغسل في الماعون وتكنس تكنس، وأمير يستنّى في أمّو شكون باش تختار. الي يعجبك فيهم أبطال القصص هاذي، ما عندهمش العكس بالكلّ : ديما حافظين دروسهم شربة ماء، ويسمعو كلام الوالدين والمعلّمين، ويحافظو عالبيئة، ويحبّو تغذية متنوّعة بخصوصك الخضرة على خاطرها باهية للصّحّة، ويبجّلو غيرهم، ويموتو ويفناو على الدّخول المدرسي (“أكاد من سروري / أطير من سريري”  لوووول)،  وانت ماشي. مثلا : قصّة “مفاجأة سارّة” تحكي على تلاثة صغار، أخوة هوما، كلّ واحد فيهم هدى لأمّهم هديّة في عيد الأمّهات. أيّا سيدي فرحت المرا، أمّا تفكّرت جارتها الي ما عندها لا والي لا تالي، قدّمت ووخّرت واقترحت باش يعطيو واحدة مالهدايا للجارة. وبالطبيعة “وافق الجميع وقصدوا منزل الأمّ مبروكة فأدخلو عليها البهجة والسّرور”. والهدية متع واحد مالصغار مشات زيزي، أمّا مايسالش، تي شنيّة هي الدّنيا، ماي كان ماخذة بالخاطر. يعني يا إمّا الخير متع ما ثمّة كان الخير وابتسم نحن أطفال تونس والوطن العربي، وإلّا التعاسة متع “تمشي وقد أثقل الإملاق ممشاها” الي خلّاتني نهارتها، سي بيان سانبل، نروّح للدّار نبكي وقلبي محمّم. كيف كيف نهارة الّي قرّاونا نصّ يحكي على قدّاش ابّاواتنا تاعبين وشاقين باش يحصّلولنا قوتنا ونعيشو أحنا سعداء، للّي بابا تنرفز وكيما يقولو المغاربة طلعتلو القردة للسّطح : شنوّة هذا قال، شهالبلادة، هذي قراية هذي؟؟؟ حقّّني استنّيتو نهارتها قدّام الباب وغنّيتلو  والإبتسامة تعلو محيّاي البريء : “عاد أبي للدّار / من عمل النّهار/ وقلت أبتااااااهُ / كان لك الإلااااااهُ…” أمّا موش لازم نجبد زادة عالغناء، في الباب هذا خلّي عزاها سكات.

وثمّة زادة حكايات من التراث التونسي، نوع “عائشة والغول” ولّا “خنيفسة منيفسة”. تعرفوا كيفاش ولّات اسمها خنيفسة منيفسة؟ ولّات اسمها  “الآنسة دنفوسة الخنفساء ترغب في الزّواج” . بنتي تموت عليها الحكاية، امّا كي نحكيهالها بالدّارجة برك. كلّ منين نجي نقراهالها كيما هي مكتوبة، تقوم تصيح : “لا لا يعيّشك مَمّا، نحبّها بالعربي”. نقلّها “هذا زادة عربي”، تجاوبني “إي أمّا نحبّ بالعربي متاعنا، متع تونس”. هي كتقول هكّ موش على خاطرها متغرّبة وتكره الفصحى والعرب ومشاركة في مؤامرة تحبّ تعزل تونس على محيطها العربي، هي عمرها خمسة سنين، تحبّ حكاية تفهمها وتشيخ بيها، حكاية في لغتنا متع كلّ يوم. اللغة بيدها جزء مالحكاية، وبنّة الحكاية مربوطة ببنّة اللغة، وبنّة اللغة مربوطة بالتّواصل اليومي موش حاجة هابطة مالسّماء باش هكّاكة، لا طاح لا، دزّوه، خنيفسة منيفسة مثلا تولّي “الآنسة دنفوسة”. عالمعدّل هذا، سي السّيبان ينجّم يولّي “السيّد صغبة”  (حلّيت معجم فرنسي/ عربي باش نلقاها ولّا شكون يعرف كيفاش يقولو سيبان بالفصحى؟‪(

 ولّيت النهار الكلّ وأنا نترجم في القصص مالعربية للدّارجة، ونفرح كيف نلقى جملة تتقال كيف كيف، ننطقها بالطريقتين أهوكة باش نسنّس وذنها وما تظهرلهاش العربية كان لغة الأخبار والدّمّار، ونهار آخر في المكتب ما تجيش غريبة عليها. وكلّ يوم وأنا نرحّم على عبد العزيز العروي وحكاياتو ولغتو الي تبرّد حقيقةً عالقلب. وقدّاش من كلمة وعبارة تونسية تعلّمتها منه. خسارة بركة الي كْتُبّتُه ما عادش يتوجدوا في السوق. يحبّ يقول الي الدّارجة هي اللغة اللأمّ، هي السّاس الي منّو لازم ننطلقو باش نوصلو للفصحى ونفهمو الفروق ونقاط التلاقي بين الزّوز، وننجّموا نتمتّعوا بيهم الزّوز.   هذي كانت فكرة صالح القرمادي : نبداو الفصحى على أساس الدّارجة ومثلا نبداو نعلّمو الصغار الكلمات الي كيف كيف باللوغتين :  “شباك”  قبل  “نافذة”  و  “دار”  و “بيت” قبل  “منزل”  والأمثال برشا.

وما فيها باس لو كان نحاولو نترجمو للدّارجة الصّور المتحرّكة الي يعملو فيهم للصّغار في العالم أجمع. هذي حاجة موش صعيبة. المْصَارْوَى، الحقيقة، موش مقصّرين مع صغيّراتهم، مدبلجين أفلام والت ديزني الكلّ باللّهجة المصريّة ولكلّهم يفتّقو. نتفرّج فيهم مع بنتي الّي تحبّهم هي زادة أمّا ماذا بيها تسمعهم بالتونسي، على خاطر في عمرها ماذا بيها تفهم التفاصيل الكلّ. نولّي نترجملها وهي بيدها ولّات تفهم وتترجم لغيرها، موش مشكل، المهمّ الواحد يتعامل مع الموجود بأفضل طريقة ممكنة، أمّا علاش لا؟ بالأخصّ الي شخصيّات الأفلام، بما إنّها خيالية، تغذّي طاقة الحلم عند الصّغيروحتّى الكبير. كلّ حد يتفرّج في فيلم يتماهى مع البطل، واحنا صغارنا النّهار الكلّ لازمهم يتماهاو مع أبطال ما يتكلّموش بالظبط كيفهم. بنتي في الأوّل تسخايل سندرلّا مصريّة ومن دون اللّهجات الكلّ ـ بخلاف التونسية ـ تظهرلها أحلى واحدة، كيف العرب الكلّ، على خاطر أفلام مصر ومسلسلاتها انتشرت في العلم العربي الكلّ. تلقى فيلم مكتوب عليه “ناطق عربي”، معنتها العربي متع مصر. ونهار، كيف شافت سندرلّا مدبلجة بالفرانساوية، سألتني كان ثمّة سندرلّا تونسية زادة. قلتلها لا، وما عرفتش نقوللها علاش، نقصد نعطيها جواب تفهمو هي. بكري باش نقوللها الي مصر فيها صناعة سنمائية عريقة وقويّة، واحنا الله غالب علينا كيف نعملوا فيلم شوف يتعرض في الصالات ولّا لا. حتّى “نقّار الزّهواني” و”شبيّح” و”قرينط الشلواش” ما قعد منهم حتّى أثر. ما نجّمنا نتمتّعو بديسانيمي كان بفضل “الكابتن خبزة” بعد الثورة، تفرّجت فيه حتّى الصّغار، ولو هو موش موجّه ليهم وكبير على مخاخهم. شخلّاه فيلم “برسبوليس” الإيراني وقتلّي تعدّى مدبلج بالتونسي ما ورّاني يمكن راهم برشا يسخايلوه  فيلم تونسي، وموش غريب تكون الهدرة هذي لعبت دور في القيامة الي قامت والنعامة الّي شاشت. ماناش مستانسين.  ينجّموا الصّور المتحرّكة يتوجدو بالفصحى وبالدّارجات الكلّ، وقتها تولّي عندنا برشا وسائل يسهّلو على صغارنا الفصحى ويعلّموهم شويّة ماللّهجات الأخرينة، على خاطر كلّ لهجة وبنّتها، والمقارنة بين الفصحى والعامية تحلّ بيبان ماهي بيبان وفيها إثراء للّغة وللحسّ اللّغوي بصفة عامّة. أنا العربي بأنواعه يظهرلي حالة فريدة موش على خاطرو مربوط بتواجد المسلمين في العالم أجمع : حالة فريدة على خاطر منّو لغة وحدة ومنّو برشا لغات، بحيث كيف تتكلّم الدّارجة متاعك وتعرف العربية الفصحى، تولّي تنجّم، كان تحبّ وكانك مغروم، تولّي تفهم برشا دارجات أخرين وتشوف كيفاش العربي ثريّ من ناحية التاريخ والجغرافيا. موش تاريخ ‪المسلسلات الدّينية والعنجهيّة والعصبيّة والعجاج ـ قال واحد صاحبي مرّة :  “البارح قام عجاج فكّرني في العروبة” ـ أمّأ تاريخ ‪    الكلمات وتركيباتها الصوتية وكيفاش المعاني تزلق بالشوية بالشوية وتتبدّل إلخ. و موش الجغرافيا متع فتوحات قادمة نولّيو نسيطرو بيها على العالم أمّا جغرافيا اللغة في البلدان العربية، كيفاش الناس تتكلّم ومنين جات مختلف اللّهجات، وشنوما الفروق بيناتها إلخ. علاش مثلا في بلدان الخليج “الكاف” ينطقوها “شين” كيما في النكتة متع التونسي الي خاف وقتلّي قالّو العراقي “تعالى نحكيلك” ؟ يعني خدمة جبّارة تستنّى فينا وشخصّ لوكان نعملوها. مثلا تتخلق مراكز موش للحفاظ على اللغة العربية الفصحى من منطلق ضيّق ومفجوع، بل مراكز للبحث في اللّغات العربية وعلاقاتها عبر العصور ببعضها من جهة، وباللّغات الأخرى الّي عطاتهم وخذات منهم. وقتها بالحقّ نستفادوا أجمعين. تولّي عندنا قواميس نترجموا فيها العربية الفصحى للدّارجة، علاش لا، وحتّى نترجموا فيها لغات أخرى للدّارجة  ـ والعكس ـ وعلى رأسهم، بالنسبة لتونس وبلدان المغرب الفرنكوفونية، اللغة الفرنساويّة الّي هي ماهيش كان لغة أجنبيّة. على خاطر اللغة الي تنجّم تكون في خطر ـ لو كان الواحد يحبّ يدخل في الرّيق هذا ـ موش الفصحى أمّا الدّارجة الّي هي ما تتقرّاش في المكاتب وتتناقل من جيل لجيل بصفة شفاهية، والشفاهي فراجيل أكثر، أي أكثر هشاشة. أنا مانيش قاعدة نقول الي لازمنا نقرّيو الدّارجة في المدارس ـ مازال كان باش يعيّفونا فيها ـ أمّا الثقافة والمعرفة ما تقتصرش على الشيء الي نتعلّموه في المدرسة. وزيد ما فيها باس تتقرّا منها نصوص، من حكايات العروي لقصائد بيرم التونسي ونصوص توفيق الجبالي والمسرح الجديد وغيرهم. أمّا شكون ملوّج على بيرم التونسي مثلا ولّا يعرف الي هو كتب بالدارجة التونسية إلى جانب الدارجة المصرية والعربية الفصحى ؟

نجيو توّا لحكاية تجريم الخلط بين اللغات والي تنمّ على فكر استبدادي لا أكثر ولا أقلّ. هي الصّحافة في بلادنا ما زالت كيف بدات تخدم على روحها وإذا كان ثمّة برشا تزليط عند الصّحفيين فهوما ماهمش وحدهم الى يزلّطوا : لازم وقت باش يتعلّموا هوما زادة. أبقى السياسي الي يخلوض مايسالش، والصّحفي الّي يخلّط اللّغات نحطّوه في الحبس ؟ والّي سمّاه كريوول  قارنو بلغة الخمّارات قالّك في انقلتيرّا. بربّي آش دخّل شعبان في قعبان؟ لغة الخمّارات ـ نعرف نعرف ما عندهاش معنى الكلمة هذي أمّا نفرضوا الّي ثمّة لغة خمّارات بحتة في انقليتيرّا ـ مستوى من مستويات نفس اللّغة، والخليط الّي يحكي عليه خليط بين لوغتين ظاهرين. يعني هنا زادة ثمّة خلط بين اللغات المختلفة وبين المستويات المختلفة داخل نفس اللغة. أنا بيدي التخليط ما يظهرليش حلو، ونحسّو في أغلب الأوقات مركّب ومصطنع، ويظهرلي نوع مالموضة ولاّ كيفاش. ما يعجبنيش التخليط على خاطرو فيه إفقار للّغة، بالأخصّ الدّارجة. الّي كيما قلنا أكثر لغة هشاشة بحكم توارثها الشفاهي. ولّات أسهل باش الواحد يقول مثلا “مارّون” في عوض “قهوي” وإلّا “شكلاطي” وإلّا “قسطلي” وإلّا “بُنّي”، و”بوردو” أسهل من “شرابي” ولّا “خمري” إلخ، وبرشا كلمات هكّا. ما نعرفش علاش أمّا برشا توانسة تظهرلهم الألوان مثلا بالسوري أسهل. وبرشا يبداو يتدكّكوا عليّ كيف يسمعوني مثلا نقول “سبيسيريّة” في عوض “فارماسي”، وهي كلمة تعجبني أكثر، وعلى كلّ حال كلمة “صيدليّة”، الي مكتوبة على السبيسريّات ولّا الفرماسيات  الكلّ، حتّى حدّ ما يقولها. كيفها كيف كلمة “مرطّبات”، كلمة ملّي حلّيت عيني نرى فيها على واجهات الباتيسريّات وماكلة كبّوط هو بيدُه. كي نجيو نشوفو، عنّا مجال للبحث هو بيدو، أمّا مطفّينُه، على خاطرو دارجة، والدّارجة، في تونس وغيرها في العالم العربي، ماناش معتبرينها مجال معرفة. القرمادي بدا، خدم مثلا على أسامي الحوانت، على الترجمة متاههم إلى آخره، لكن ما تبّعوعش برشا والحال انّو أسامي برشا حوانت يكسّرو الكرايم من نوع “انبرنت” ـ Empreinteـ والأمثال لا تعدّ ولا تحصى.

 الي ينجّم الواحد يقولو هو إنّو مزدوجي اللغة، كيف يحكيو مع بعضهم، يحسّو الي عندهم لغة واحدة أكبر من كلّ لغة من لغاتهم وحدها. وهذا شيء طبيعي، شخلّى المرزوقي بيدو يزلّق ساعة ساعة كلمة ولّا عبارة بالسّوري، فرضت روحها عليه وما فيها حتّى مضرّة، فيها معنى أدقّ ولّا مجاز حلو، كيما كيف استعمل عبارة “cousu de fil blanc” وقتلّي تعدّى في “الصّراحة راحة” ولّا كيما وقتلّي مصطفى بن جعفر قال، في نهاية جلسة من جلسات المجلس التأسيسي : ” La nuit porte conseil”. وموش صحيح الي استعمال كلمات فرانساوية ما نسمعوه كان من سكّان “بعض الأحياء الرّاقية للعاصمة” وأنّ ما سمّاه “الفرنكوـعربي” هو ” لغة قطاعات بورجوازية ومتغرّبة تحتقر العامّة وتسمّهم ال”قعر””. بخلاف التعميم والتجنّي على برشا ناس، الي لاحظتو أنا هو استعمال كلمات فرانساوية من قبل أغلب التوانسة. أيّ مواطن يتركز قدّمو ميكرو إلّا ما يقول يا “surtout” يا “jamais” يا “vraiment” يا “bien sûr” يا “alors” يا “est-ce que” وغيرها وغيرها من العبارات وتركيزات الكلام. وفي كلّ بقعة من تراب تونس موش كان في العاصمة، وبصرف النّظر على المستوى التّعليمي ولّا مدى إتقان الواطن للّغة الفرانساوية.

وقيّت، يظهرلي، باش نعملوا دراسات، في اللغة وتاريخها وعلم الإجتماع في المجال هذا، خل نتعلّموا حاجات على رواحنا. حبّ اللغة العربية واعتبارها شمس بين حيطين ما يلزموش يسكّر علينا باب الدّارجة ولّا بعد ما “نظّف” الفصحى من الكلام الزّايد يحبّ زادة “ينظّف” الدّارجة ويهذّبها. هو لمحالة بدينا : في وقت بن علي وحتّى قبلو رواحنا طلعت من هالتّهذيب الي هو تفريغ مثلا نصوص الأغاني من نكهتها الكلّ، كيما “لللّيري يا منّة” و ” أنا ماذا بيّ” بدعوى إنّو كلمة “غضبانة” خير من “سكرانة” ولّا كلام الشّيخ العفريت زوفري ياسر. وقيّت باش نخلّيو التفوريخ على جهة ونفهموا الي المجتمع ماهوش بكلّه روضة أطفال. والدّراسات هذي باش تخلّينا نكتشفوا كيفاش اللغات تتلاقح من بعضها وكيفاش الاحتكاك بين اللغات يخلق تعابير جديدة ويعبّر على إبداعات واحدة تنسّيك في الأخرى وفي أغلب الأحيان تكون ضامرة برشا وتتّسم بحرّية كبيرة، كيمانصوص غسان عمامي وغنايات بنديرمان مثلا، حرّية تلقاها في نصوص بالفصحى زادة لتوّا ثمّة شكون يحارب فيها ـ كيما نصوص على الدّوعاجي ـ ولّا ما عادش موجودة في السّوق ومن واجب الدّولة إنّها تسهر على نشرها ـ كيما “خواطر” الطّاهر الحدّاد.

خلاصة القول، لو كان يفكّروا في مسألة اللّغة النّاس المختصّين فيها واّلي يخدمو في مجال الثقافة والي عندهم تجربة في التعليم في كلّ الميادين ـ وبالأخصّ في الآداب والعلوم الإنسانية ـ خير ملّي نخلّيو المسألة بين يدين سياسيّين يحبّوا يستعملوها لأغراض إيديولوجية ضيّقة عمرها ما نفعتنا بل بالعكس. قالّك احنا قدّام “قضية سياسية بامتياز”.   وزادة “اللّهجات المحلية فروع من الجذع المقدّس يجب الحفاظ عليها وتنميتها مع إعطاء عناية خاصّة للتراث الشعري الشعبي”. كيفاش هالعناية الخاصّة، يا ستّار استر…

 كان حتّى لتواّ اللغة ظهرت بهيم قصير كلّ سياسي يحبّ يركب عليها، يلزم سياسيينا اليوم يفهموا الي ظهر البهيم وفى.

في المجلس التأسيسي سمعنا الفصحى والدّارجة بأنواعها والتعدّدية من هوني بدات. أنا شخصيّا تمتّعت بلهجات تونس الكلّ، وبانتباه البعض للأغلاط اللّغوية، وبالتفدليك في الموضوع هذا، وبالدّفاع على أولاد المهاجرين الي ما يفهموش العربي، وحتّى بتفضيل الوقوف على السكون من باب قصّان الصّداع من طرف رئيس لجنة الدستور الصغير رغم الي هو كيف يتكلّم في العادة يدزّها لطانجة من ناحية تمطيط الفتحة والضمّة والكسرة حتّى لو كان تبدا غلطة تعيّط يا بابا يامّي. والمرزوقي بيدو، ولّا بعظمة لسانو، بما إنّو رغم إتقانو للفصحى ما منعش من الخطأ، ماهوش معصوم، والدّليل على ذلك هذه الباقة الصّغيرة من الأخطاء النّحويّة الي قدّمهالنا في أوّل خطاب ليه كرئيس جمهورية وبعد آداء القسم :

ـ” …من الإجحاف محاسبةِ سابقينا بمقاييس عصرنا…”

ـ”…بناء نظام سياسي قاده الحبيب بورقيبة و رفاقِه…”

ـ”…إذا استحضرنا هذه الصّورةُ العامّة…”

ـ”…بناء مجتمع تعدّدي متسامح تكتسب فيه على أرض الواقع أخيرا مفاهيم الحرّية والعدل والمساواة كلِّ معناها…”

ـ”…أن أكون رئيس كلُّ التونسيين…”

ـ”…لا ننسى أيضا أنّ أُمّتِنا العربية تنظر لنا كمختبر…”

الاخرانية هذي بالأخصّ عسل في فمّ شكون كتب : ” العربية هي العمود الفقري للأمّة، ولا وجود لها إلّا بوجوده، فأمّتنا خلافا لكلّ الأمم، لا تسكن أرضا وإنّما تسكن لغتها.” موش معقول حرف الجرّ يكسر حتّي الّي موش مجرور به، ولا الفاعل لا المبتدأ لا الخبر يتضمّو ولا المفعول بيه يتنصب، واسم إنّ يمشي في خبر كان. الحكاية ماهيش متع شدان قول، أمّا الي يتشكّى من أغلاط النّاس كان يبدا بروحو خير، بالأخصّ في نصّ مكتوب ومحضّر بالمسبّق موش في ارتجال شفاهي. النّقاء والصّفاء الي يحبّ عليهم، بخصوصك وقتلّي يبدا الواحد متأثّر كيفو هو نهارتها ـ وهذا شىء طبيعي جدّا ـ ينجّم يكون من رابع المستحيلات. في الهدرة هذي، حدّ ما هو معصوم. ما سمعت كان محمود درويش يقدّ روحو فيها ميا في الميا، أمّا الفصحى صعيب باش الواحد يتكلّمها من غير ما يغلط، وهذا أمر مفهوم وما يلزموش يعقدلنا لساناتنا. المجلس التأسيسي، على المستوى هذا على الأقلّ، يمثّلنا ونُصّ : حيّ وموش مُنَزَّه. توّا بدينا نتكلّمو ونعبّرو ونتجادلو ونتعاركو، ما عدناش مجبورين باش نكونو على فرد كلمة وعلى فرد لغة، وكيما قال صالح القرمادي ـ والفاهم يترجم :

Devant toute bouche trilingue et cousue‪, je dis liberté et crachez le morceau, en arabe classique ou parlé‪, en français roté ou éternué ‪: que le mot soit et puis viendront les comptes‪.”

 جانفي 2012

Show More
Back to top button