ديوان « Old Boy » لشموئيل شمعون تقديم فتحي بن الحاج يحيى
وددت لو كان في استطاعتي أن ألتزم لقراء « نشاز » بتخصيص ركن أؤثثه بما طاب ولذّ من النصوص وبعض ما تحملني إليها الصّدفة من قراءات يحلو لي تقاسمها معهم.
وطبعا لن أفعل. لا أريد أن آخذ على نفسي عهدا وأخلّ به لأنّ الانتظام وأنا لسنا على موعد مع الغرام. لذا قلت سأكتفي بين الحين والحين بإطلالة حسب ما تجود به الرائقة ويطيب له المزاج.
الموعد هذه المرّة مع كاتب استثنائي من العراق، اسمه، هو لمن لا يعرفونه، شموئيل شمعون، صاحب رائعة « عراقي في باريس ». وهي في نظري إحدى الروايات العربية الأجمل لخفّة روحها، وكتابتها الحديثة. فهي من الروايات القلائل التي استطاعت أن تثبت أنّ اللّغة العربية باستطاعتها أن تلعب في الأوزان الخفيفة التي تعطي لفنّ الملاكمة رونقه من حيث غلبة الفرجة والمرونة والفنيات خلافا للوزن الثقيل الذي يجب أن ننتظر فيه ملاكما من حجم محمد علي كلاي لنتمتّع بكلّ تلك المواصفات.
شموئيل شمعون ينتمي للطائفة الأشورية ويحكي في روايته هيامه بالسينما منذ الصغر في بيئة تعيش على بعد خطوات من القرن العشرين، ثمّ سفره إلى الخارج لهثا وراء السراب، وحياته بباريس، ولكنّ الأهمّ لمسات ريشته في رسم الوجوه والأشياء ألخ.
الذي لا يعرفه الكثيرون أنّه يكتب الشعر أيضا. شعر يشبهه إلى حدّ كبير ويشبه لمسات النحّات الذي يأبى أن تغوص أصابعه أكثر من اللّزوم في الصلصال تاركا للإيحاء رسم التّجويفات والملامح.
لم نستشر شموئيل قبل نشر هذا الديوان الصغير الذي صدر بباريس في خريف 1987 عن منشورات « بذور » ولكننا حصلنا على التأشيرة من الرّسامة التونسية فريال الأخضر التي ساهمت برسومها في هذا المؤلّف وتعهّدت بتوفير الحماية الأدبية لموقع « نشاز » نظرا لخلوّ هذه المبادرة من أيّ أطماع بترودولارية أو تجارية من أيّ نوع كان. فليس في الأمر أكثر من استدرار رحمة الوالدين من القرّاء إن أعجبتهم هذه الهدية.
بال أبي في الشارع الصغير
وفي اليوم التالي تعلّمت السباحة.