عراجين الغضب

من بين أهمّ أهداف جمعية « نشاز »، أو ربّما علّة وجودها، فتح فضاءات للنّقاش، ومرافقة التعبيرات والأصوات الجديدة الساعية إلى سبر أغوار مجتمع ما بعد الثورة والإسهام في بناء المعنى. ويمكن القول أنّ منشورات سلسلة « كلمات عابرة » ما أنشئت إلاّ لهذا الغرض.
ففي الوقت الذي يشهد فيه الفضاء العامّ غزوة اللّغة الخشبية إلى حدّ التخمة، نحاول في نشاز، صحبة آخرين، اكتشاف أصوات أخرى من خارج الجوقة، وتقديم مقاربات تتناول قضايا المجتمع من زوايا مغايرة، أو غير مسبوقة، يتوفّر فيها، بالخصوص، شرط الطّرافة، والعمق، ومتعة القراءة… وهو ما يفترض امتلاك جمالية الكتابة علاوة عن الموضوع.
ونعتقد أنّ هذا الكتاب الذي نضعه بين أيدي القرّاء، يمثّل عيّنة من هذا المشروع الذي نريد.
فالمؤلّفون الثلاثة يتنمون إلى الجيل الجديد للباحثين، والمدوّنين، والصحفيين الذين اقتحموا الحلبة مع الثورة. وهم ليسوا أصحاب فكر فحسب بل أصحاب قلم أيضا بمعنى أنّهم من طينة الكتّاب ويكفي الاطلاع على نصوصهم للوقوف على ذلك.
لكلّ منهم أسلوبه الخاصّ رغم انشغالهم بنفس المواضيع تقريبا أي أنّهم يلاحقون كلّ ما يتحرّك في هذا المجتمع وكلّ ما من شأنه أن يحرّك المجتمع… في ثوابته، فيلتقطون تعبيرات التمرّد وتمظهراته التي هي بصدد الإيناع رغم أنف السلطة… وكلّ السّلط، ويتوقّفون عند أشكال الرّفض والمقاومة والشقاق أو الخروج عن الميزان… دون ازدراء المقاربات الاجتماعية الكلاسيكية أو ادّعاء الرّمي بها في سلّة التاريخ.
ولعلّ السّمة الجامعة بين هذا الثلاثي هو عدم الانضباط إلى المنهجيات المغلقة، إن صحّ التعبير. ولعلّ تلك الحريّة في التخلّص من بعض قيود الأكاديميا، وضوابط « الرصانة السياسية » هي التي شدّتنا إليهم منذ الوهلة الأولى. ففي ما يكتبون نفحة جديدة تخرجنا عن أنماط التفكير المجترّة والمسالك المعتادة في التطرّق إلى قضايا المجتمع.
هذا، وإنّ نصوصهم التي يمكن تصفّحها على عدّة مواقع من قبيل « السفير العربي » أو « المراسل » قد جمعت حولها مجموعة هامّة من القرّاء الأوفياء. وقد اخترنا لكم نماذج منها سعيا منّا إلى التّعريف بنوع آخر من الكتابة وبكتّاب سيُقرأ لهم، دون ريب، ألف حساب داخل الساحة الفكرية والأدبية، في المستقبل القريب.
Afficher plus
Bouton retour en haut de la page