أسئلة على اليسار

أسئلة عن اليسار، أسئلة على اليسار

اللقاءالختامي 2019

بتاريخ 21/12/2019

انتفضت تونس فيما بين 17 ديسمبر 2010 و 14 جانفي 2011 على نظام بن علي و أجبرت رأس السلطة على الهروب، ثم ّ عقب ذلك انتفاضات في عديد البلدان العربية الأخرى. عدد من المؤرّخين تحدّثوا عن « ربيع عربي » في إشارة إلى « ربيع الشعوب » الأوروبي، في حين رأى فيها آخرون أوّل ثورة ما بعد حداثية، دون أحزاب، ودون قيادة…

اليوم تشارف الثورة سنتها التاسعة محمّلة بما تيسّر من تقلبات لعل » من أبرز عناوينها:  رئيس جديد منتخب بنسب غير مسبوقة، ومشهد سياسي مشظّى بالكامل تقريبا، ويسار دُكّ دكُّا…

وهي سنوات أبرزت، أيضا، مجتمعا تُعتمل في صلبه ديناميكيات متنوّعة… من علمانيين وإسلاميين يواجهون بعضهم البعض تارة، ويتعايشون طورا، ويتحالفون ثمّ يتفرّقون… ومناضلين ومناضلات في حقل حقوق الإنسان، والحركة النّسوية، والحركات الاجتماعية… يضاعفون تحرّكاتهم التعبوية، وشباب يواصل التعبير عن غضبه والمطالبة بحقوقه في الجهات، وفي أماكن العمل، وداخل الفضاءات العمومية، ويطوّر عبر مختلف التعبيرات الفنيّة أساليب عمله ويبتدع أشكال انخراط عفوية جديدة في النّضال من قبيل الأفقية، وأخذ المسافة من الأشكال التقليدية.

ولعلّ المعاينة المتقاسمة من الجميع هي الإقرار بأنّه، رغم جائزة نوبل للسّلام المسندة سنة 2015 إلى الرباعي الراعي للحوار، فإنّ « الانتقال » التونسي ما زال يتقدّم على ظهر سلحفاة في طريق السياسة، وما فتئ يدور في مكانه في المجال الاقتصادي والاجتماعي. وهو أقلّ ما يمكن أن يقال.

لكن المدعاة الأكثر للقلق هي الضباب المخيّم على رؤيتنا للوضع وسبل الخروج منه. فكثيرة هي الأصوات المستشرفة للمستقبل والتي تعلن الأسوء. وحتى عرّاف قرطاج بدأ يتسرّب إليه الشكّ. ولعلّ أكثر ما ينقصنا، في ظلّ هذا الصّخب المحيط بنا، هو توفّر فضاءات لصياغة البدائل.

ففي الوقت الذي يبدي فيه البعض غبطته معلنا نهاية اليسار، يتعيّن الاعتراف بأنّ اليسار غائب. وهو غياب مؤلم في وقت تعيش فيه المنطقة والعالم، فيالظّرف الحالي، على صدى الفاتحة…التونسية حيث ترنو الشعوب إلى مزيد المساواة الاجتماعية، ومزيد الدّيمقراطية التّشاركية، وسنّ سياسات أكثر شفافية وأخلاقية.

الجزائريّون والسّودانيون واللّبنانيّون، والعراقيّون، والإيرانيّون… صامدون جميعهم أمام القمع، الدّموي أحيانا، ويطالبون بتغييرات حقيقية وسياسات عمومية أكثر عدلا. ومطالب رحيل الحكّام تهزّ عرش النّخب السياسة الحاكمة في أنحاء عدّة من العالم سواء في الشيلي، أو الإكوادر، أو كتالانيا، ومن طرف حركات الدّفاع عن المهاجرين، أو الحركات المدافعة عن البيئة أو النسوية… فالتحرّكات التعبوية ما فتئت تنتشر وتتجدّر… ولم تعد النيولبرالية قادرة على حكم الأرض كما يحلو لها ولا أن تفرض نفسها على الشعوب. ولعلّ القول بنشوء معطى عالمي جديد ليس من قبيل الإنشاء أو المغالاة.

لكنّ المفارقة أنّه في زمن تنتشر فيه قيم اليسار في كلّ مكان، يجد اليسار صعوبة في الدّفاع عن آرائه.

وأنّه بقدر ما أصبحت شعارات الثورة التونسية في تناغم مع الغليان العربي والعالمي، بدأت جذوة الثورة في بلادنا تتراجع، والخطى تتعثّر.

وكما سبق أن لاحظنا طيلة السنة الجارية من خلال اللقاءات التي نظمتها جمعية « نشاز »، والتي أردناها في تفاعل مع النقاشات التي طبعت الفضاء العامّ، فإنّه، تجازوا للمظاهر وعلاقات القوى السياسية المتقلبة وغير المستقرّة، نلمس نوعا من المقاربة الصدامية (أو اللاتوافقية) بصدد النشوء وفرض نفسها، وهي ليست مقاربة هووية بل اجتماعية، واقتصادية، وأخلاقية.

وحتى نختم سلسلة لقاءاتنا لهذه السنة، ارتأينا الوقوف عند بعض المسائل الاقتصادية والاجتماعية التي تدخل تحت طائلة اللامفكّر فيه عند اليسار أو الواقعة في النقطة العمياء من مجال بصره، ومنها:

  • العلاقة الإشكالية بين المسألة الاجتماعية والمسألة المجتمعية من منظور « الجندر »،وهو ما سيسمح لنا بمقابلة التعبيرات الجديدة لنضال النساء بالفكر النسوي المناضل السائد.
  • المسألة الاقتصادية مع التركيز على مفهوم « منوال التنمية » من أجل مساءلة مدى جدواه أو وثوقيته. فهل أنّ تناول المسألة الاقتصادية استنادا إلى هذا المفهوم الشائع الاستعمال ما زال قادرا على تقديم إضاءات حول مشاكل البطالة، والشّرخ الترابي، وتدهور الخدمات العمومية، وجميع تبعات النيولبرالية وما تسببت فيه من تفقير وأزمات…

بهذه المناسبة، يسعدنا أن نستقبل في الجزء الأوّل من لقائنا (الحصّة الصباحية) تحت عنوان « المسألة الاجتماعية والمسألة المجتمعية من منظور « الجندر »، كلّ من:

سميّة المستيري، أخصائية في الفلسفة، صاحبة عدد من المؤلّفات نذكر منها « رولز، العدل والإنصاف justice » et équité Rawls : »، 2009 ؛ و »تخليص النّسوية من النّزعة الاستعمارية: مقاربة عابرة للثقافات » Décoloniser le féminisme : une approche transculturelle »  «.

آمال فضولي، مناضلة في مجال حقوق الإنسان. ناشطة في حقل النسوية الاجتماعية بمنزل بوزيّان.

نبيلة حمزة، أخصائية في علم الاجتماع. عضوة ناشط في الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات.

يدير النقاش: فتحي بن الحاج يحيى.

كما نستقبل في اللقاء المسائي الثاني تحت عنوان « منوال التنمية : بين الشعار وفاعلية المفهوم » كلّ من :

بكّار غريب، « العميد الملتزم » كما يقال عنه، أستاذ جامعي في علوم الاقتصاد، من مؤلفاته « التفكير في الانتقال (الديمقراطي) رفقة غرامشيPenser la transition avec Gramsci » « ، و »الطاهر الحدّاد، فكر التحرّر

Tahar Haddad, une pensée de l’émancipation « 

محمد علي مرواني، أستاذ جامعي متخصص في العلوم الاقتصادية، له عديد المساهمات والأنشطة في جمعيات ومنتديات تعنى بالشأن الاقتصادي.

يدير النقاش رامي عبد المولى.

Afficher plus
Bouton retour en haut de la page