اليسار ما يموتش… ولكن

محمد سليم بن يوسف

لقد ودّعنا منذ أيام سنة 2019، لكن، للأسف، لم نودّع معها الأزمة. فالصعوبات الاقتصادية ما زالت قائمة ولعلّها تفاقمت على نحو غير مسبوق. ضمن هذا السياق المحمّل بجميع المخاطر بقدر ما هو محمّل ببعض الوعود، جرت الانتخابات التشريعية والرئاسية في غير موعدها إثر وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي وهو ما زاد الوضع إرباكا. ومع إعلان النتائج، كانت الفرقعة المعلنة في الموعد، وتعدّدت الآراء والتّقييمات والمقاربات في الساحة السياسية والفكرية.

جمعية « نشاز » تقدّم هنا بعضا من هذه المقاربات لصديقات وأصدقاء شاركونا أنشطتنا الحوارية وأبدوا آراءهم التي تعكس، في الأخير، ما حملته لنا تلك السنة السياسية المتميّزة من مخاطر ووعود في الآن ذاته…

مع الإشارة إلى أنّ عناوين النصوص أحيانا من اختيار « نشاز ».


عالسلامة

آنا ما نتقاسمش الشعور بالإحباط والمرارة إلي عبروا علیه الرفاق في «l’argumentaire»

بالنسبة للضیاع، … bon،

حیاتنا كاملة نفركسو في الثنیة موش مشكل. لكن الخسارة الإنتخابیة الأخیرة للبعض من الیسار، بتنوع تشكیلاتو وتباین تصوراتو ورؤاه و إیدیولجیاتو، خلقت نوع من المناخ ال apocalyptique  وحالة من الهلع. L’affect متاع الخوف هاذایا عادي جداً، ومشروع، لكن خلیه یكون موطور باش نحاولو نستوعبو إلي صار ونفهموه. نحطوه في سیاقاتو المختلفة ونجبدو الخیوط متاع المسارات الكل ونتبعوهم لوین یوصلونا.

لكن خلینا نتفقو ونقولوا كیما قال فریدیریك لوردون عام 2014 : الیسار ما ینجمش یموت. الیسار إلي یحكي علیه الرفیق هو بالطبیعة یسار أكسیولوجي، الیسار – الفكرة. الیسار إلي تاریخیاً كان مجموعة من الإستعدادات الفكریة والأخلاقیة لمقاومة أشكال الهیمنة (كیما قالت شمس رضواني عابدي الجمعة إلي فاتت). أشكال الهیمنة من رأس المال، للبطریركا، للإمبریالیة والإستعمار وغیرها من أشكال إخضاع وإذلال وإستغلال الإنسان. الیسار إلي، اكسیولوجیاً، هو فكرة الإنتصار للإنسان المسحوق والمظلوم والمستغل أیاً كان، بل هو فكرة

القضاء على الأطر السیاسیة والإجتماعیة إلي تنتج وتعید إنتاج الظلم والإستغلال إلخ. ولذا الیسار، من الناحیة هاذي، إنجمو نتهناو علیه. لكن كیف نحكیو على الفاعلین إلي یحملوا الفكرة هاذي، من أشخاص ومنظمات واحزاب وجمعیات ومجموعات، وغیرها من الكیانات الجماعیة، المسألة تولي أعقد.

خنفركو الرمانة ونحلو الأقجرة الكل بالقجر بالقجر : كیف نقولوا « الیسار بعد الهزیمة »، أكید نقصدو في الیسار إلي نعرفوه یسار، إلي نحبوه « یربح » في الإنتخابات لكن إلي كنا نشوفو في بوادر هزیمتو عنا مدة. كان نحكیو على الجبهة الشعبیة والمسار والحزب الإشتراكي والقطب وغیرهم، إي فما هزیمة إنتخابیة للتشكیلات هاذي للیسار. هل هذا یعني إلي ما فماش أشكال أخرى تعبر على الیسار بطریقة أو بأخرى، حققت بعض الإنتصارات وربحت شویة terrain؟

وكان نكون مستفز شویة : یاخي هو حركة الشعب هزوا 16 مقعد، ماهمش ناصریین؟ هاو التیار الدیموقراطي هز 22 مقعد، موش برشة « یساریین ویساریات » دخلوا فیه، أو حتى ساندوا فكرة إنو یحتل البعض من المجال السیاسي للیسار؟ كان نتفاداو « la réification de la gauche »، جعل الیسار، قالب واحد وحبسو في تشكیلة أو تشكیلات سیاسیة دون غیرها، إنجمو نراو برشة حاجات أخرى، بخلاف الهزیمة . هذا ما یعنیش إنو الهزیمة الإنتخابیة للقوى المذكورة ماهیش مشكلة، لكن هاذا تو نجیوه بعد. المهم إنو الیسار ماهوش حكر على التشكیلات السیاسیة هاذي، مع كل الإحترام والحب والنوستالجیا. هذا تشخیص موضوعي، موش إنطباع ولا ینقص من قیمة أحد.

على خاطر الیسار منتشر، diffus كیما یقول فوكو على السلطة. الیسار هو شظایا تنجم تلقاها في بلایص insoupçonnés . شریطة انا ما نكونوش حبیسي استراتیجیات الخطاب والتموقع وحرب المشروعیة على الإنتماء للیسار وإلي تذكرنا بالتكفیر وال « excommunication et l’anathème » في المسیحیة، و إلي یتراشقوا بیها الفاعلین لنفي صفة « الیسار » على خصم سیاسي من المفروض یكون كذلك، في نوع من استراتیجیات الوصم إلي، في نفس حركة نفي صفة الیسار عن الآخر، تأكد ضمنیاً الصفة هاذي على الذات. یعني « disqualifier l’autre pour s’auto-promouvoir »، كیف وقت عركة الجبهة الشعبیة صار حدیث على كیفاش الوطد ماهوش یسار، وكیف وقت الإنتخابات صار حدیث على كیفاش عبید البریكي ماهوش یسار، إلخ. لكن سؤال: هل فما حد أدنى موضوعي یخلي من تأكید أو نفي صفة الیسار على فاعل من الفاعلین عندها معنى، بمعزل عن موقع الخطاب « la position d’énonciation » واستراتیجیات التموقع؟ هل فما إستراتیجیا، برنامج فكري أو سیاسي أو غیرو، یخلي فما إمكانیة للتقاطع بین مكونات تتفق بیناتها أنها، إلى حد ما، یسار؟

ایجا نفركو الرمانة. الجبهة الشعبیة كانت تعبیرة على التقاطع هذا، بالرغم من إنو مكوناتها الماركسیة كانت إلى حد الأمس القریب تقبل على مضض، أو لا تقبل أبداً، انها تعتبر  العروبیین (من ناصریین و بعثیي الشق العراقي وبعثیي الشق السوري) من مكونات الیسار. لكن نلقاو إلي الأطراف المكونة للجبهة الشعبیة اتفقت على أرضیة خلاتها، لفترة قصیرة نسبیاً، تتفق انها كلها من الیسار، وتتكلم في الساحة بإسم الیسار، وتمارس في السیاسة بإسم الیسار. لكن شنیة الحد الأدنى الموضوعي إلي جبدناه قبیلة؟ الدولة الدیموقراطیة الإجتماعیة، تصور للدولة كقاطرة إنتاجیة و كمسدي لخدمات عمومیة مجانیة للمواطنین، طرح لإعادة توزیع الثروة عبر الضرائب و موقف غیر معمق لكنو موجود من مكتسبات الدولة « الحدیثة » فیما یتعلق بالتعلیم والأحوال الشخصیة، وإنحیاز للحركات الإجتماعیة وللحق في التظاهر والإضراب إلخ. الحد الأدنى هذا بقى موجود، لكن فاقت الناس الكل إنو فما مسألة أخرى ناسینها منذ إن تولدت الجبهة الشعبیة رغم  » les piqûres de rappel  » إلي جات مع الإنشقاقات والتصدعات إلي ما وقفتش رغم تصاعد أو انخفاض الوتیرة حسب حدة الأزمات وإلي وفاة بإندثار الجبهة الشعبیة قبیل الإنتخابات . إلي هي المسألة التنظیمیة، و إلي كانت صفقة مؤجلة من2012، وقتلي شكري بلعید صرح في أكثر من مرة إنو حزبو سیقدم كل التنازلات من أجل وحدة الجبهة. ومن وقتها ما تمش التطرق للمسألة هاذي حفاظاً على « الشقف » تحت تقدیس « la sanctification » القیادة. یكفي إنو نقراو نصوص سمیر حمودة إلي خرجهم في كتاب « صراع داخل حزب العمال » باش نفهمو أبعاد الصراع الداخلي في البوكت على مسألة الدیموقراطیة الداخلیة في الحزب و مسألة أخذ القرار، إلي كانت محرك لخروج عدید المناضلین والمناضلات، خاصةً من الشباب، منذ 2011 . وهذا في حد ذاتو كافي باش یتم تنسیب الإستعداد الشبه بافلوفي لنقد، بل ومهاجمة البوكت، أو الPOCT bashing وإعتبارو كقمیص عثمان تعلق علیه نكسات الیسار. البوكت هو، حزب فیه مناضلین ومناضلات صادقین وصادقات ، مشقوق بتناقضات وتباینات إلي طریقة ادارتها والتعامل معاها مهم للیسار ككل، وإلي للناس الكل مصلحة في إنو تتفض في صالح الدیمقراطیة الداخلیة والانغراس والتجذر في القطاعات الواسعة للمجتمع. المشكلة في وسط البوكت، هي القیادة إلي ولات كتلة داخل الحزب، كیما یقول سمیر حمودة، والسلطة إلي عندها في تقریر مصیر الحزب وخنقها لمجالات النقد الداخلي.

بالنسبة لیسار « الحریات »، ونخص بالذكر المسار، فإنو نجمو نحطو فرضیة (قابلة للتأكید أو للدحض شریطة القیام ببحوث امبیریقیة des enquêtes de terrain) إنو مشقوق بصراعات داخلیة حول الحد الأدنى للـ »رادیكالیة ». فما تباین تاریخي، على الأقل داخل حزب التجدید ومن قبل 2011، على طبیعة العلاقة مع النظام وطریقة طرح الأفكار والرؤى السیاسیة في الفترة هاذیك. هالتباین على مستوى السلوك السیاسي یتقاطع مع اختلافات ایدیولوجیة غیر محسومة : الموقف من الرأسمالیة أو إقتصاد السوق و الدور الاقتصادي والإجتماعي للدولة على الأقل. اختلافات لقات صداها في إعادة التشكل والأزمات المتتالیة إلي عرفها الحزب هاذایا، notamment في المواقف من المشاركة في الحكومة. بالطبیعة الأزمات هاذي تترجم في أكثر الحالات بانشقاقات وما یترتب علیه من نتائج على مستوى ضعف القدرة التعبویة خاصةً في الإنتخابات وغیرو.

نعاود انقز للجبهة الشعبیة إلي من المؤكد إلي قدرتها التعبویة ضعفت جداً مقارنةً بما كانت علیه في 2013 و 2014. ضعف نستشفه من حضور باهت في الشارع وفي الحركات الإحتجاجیة في العامین الثلاثة الاخرانین وفي وهن كبیر في البنیة التعبویة  » la structure de mobilisation  » كیما نقولو في ال « sociologie politique » إلي إنجمو نلاحظوها في الإنتخابات الأخیرة. في جندوبة مثلاً، إلي المفروض تكون  » fief électoral  » للمنجي الرحوي، كان فما إنعدام شبه كلي للمناضلین والمناضلات من الشباب في المیدان، إلي یوزعوا التراكتوات ویعملوا ال « porte-à-porte ». إلي كانوا موجودین وموجودات في 2014 أكثر وبشكل ملحوظ، لیوم وین مشاو؟ فما مقال لشكري حمد، باحث في العلوم السیاسیة، یحكي فیه على الإنشقاقات الكثیرة لشباب الجبهة في 2013 وإلي كان مردو، بین العدید من الأسباب الأخرى، رفضه التقاطع مع نداء تونس في إعتصام الرحیل. هاذوكم وین مشاو؟ فما إلي مشا للمجتمع المدني، فما إلي قعد مستقل، وفما إلي، لأسباب بیوغرافیة (خدمة، عرس أو غیروا) ما عادش یعمل في السیاسة. هاذوما الكل فرضیات، لكن من المؤكد إنو لازم نفهمو وین مشاو المناضلین والمناضلات هاذوما باش نعرفو هالطاقة السیاسیة, ال « énergie politique » إلي كانت موجودة وین تفرتت.

توا نحب نطرق لمسألة أخرى، باش نعمل دورة صغیرة أما صدقوني مازلت في صلب الموضوع. كان نعملوا طلة على تاریخ الأفكار السیاسیة للیسار التونسي، ترصیلنا نرجعو لتجربة بیرسبیكتیف، أو بالأحرى لمناضلي برسبكتیف بیدهم. في الأدبیات إلي كتبوها، نلقاو فكرة أساسیة موجودة عند جل الحركات الماویة في العالم : فكرة الإلتحام بالشعب،  » la jonction avec le peuple  » لكن كي نخزرو لسیاق الخطاب  » le contexte d’énonciation »، نلقاو إلي الفكرة هاذي تقالت في الجامعة وعبروا علیها ناس ینتمیو للنخبة الثقافیة والفكریة للبلاد، برأس مال ثقافي عالي. ونلقاو زادة إلي الناس هاذي، وعلى لسانهم هوما، منتفعین بالمناخ التقدمي إلي وفرتو البورقیبیة ومتماهین معاه: « مثس perspectivistes  » كانوا مع المكتسبات الحداثیة للـ »دولة الحدیثة »، وهذا ما تعبر علیه الجملة الشهیرة لنور الدین بن خذر:  » nous sommes les enfants illégitimes de Bourguiba ». إذاً فكرة الإلتحام بالشعب كانت مستحیلة سوسیولوجیاً في الفترة هاذیكا، نظراً للمسافة الإجتماعیة إلي تفرق بین أصحاب الفكرة هاذي والجماهیر. میشال كامو، في مداخلة عملها عام 2016 في ملتقى حول بیرسبیكتیف، حكى على فكرة أبویة الدولة في تونس « le paternalisme d’État »، إلي یحول الحقوق إلى مزایا، والمواطن إلى زبون، والدولة (إلي كانت متجسدة في الحزب – الدولة، أو الحزب- الإدارة سواءً وقت بورقیبة أو وقت بن علي) إلى كیان سلطوي یمنح الإعانات الإجتماعیة والولوج إلى الوظیفة العمومیة وغیرها من الموارد مقابل الولاء السیاسي. أي إنتفاء كامل للمواطنة : هذا إلي یسمیه كامو سیاسة المحكومین تحت أبویة الدولة  » la politique des gouvernés  » یكمل كامو النص متاعو بخلاصة تشبه شویة للنبوءة السوسیولوجیة : یقوللنا إلي ما إنجمو نخرجو من أبویة الدولة كان ما أولاً تتحقق فكرة الإلتحام بالشعب بطریقة « غیر مؤدلجة »، وثانیاً كان ما یتحقق للجماهیر المهیمن علیها الحق في الولوج لموارد النظام السیاسي « l’accès aux ressources du système politique « .

الفكرة هاذي تحیلنا في الحقیقة على مسألة أشمل من المسألة التنظیمیة. تحیلنا على تصور للسیاسي ولعلاقة السائس بالمسوس. عند التشكیلات الیساریة إلي نحكي علیها من قبیلة، باختلافها وتعددها، ما یسمى بال »نخبویة » في الممارسة السیاسیة و طریقة طرح البرامج و الأفكار، وما یترجم تنظیمیاً كـ »corollaire » بالشكل المنحرف للمركزیة الدیموقراطیة، یعبر على تصور طلائعي للسیاسة  » une conception avant-gardiste du politique « . تصور متجذر تاریخیاً وإجتماعیاً، منخرط في نفس الأفق السیاسي للدولة البورقیبیة ومشابه لآفاق سیاسیة أخرى تواجدت في العالم كیما ال » jacobinisme  » وغیرها، و إلي هو في الحقیقة ملازم لنشأة الدولة الأمة  » État-nation » في العدید من التجارب. التصور التربوي  » éducationniste  » إلي یعتبر النخبة السیاسیة وصیة على مصیر المجتمع وخیاراتو الكبرى، وإلي یستبطن بالتالي قصور لدى الوعي « الشعبي ». لحظة 17 دیسمبر كانت لحظة سیاسیة فارقة بما هي مساءلة للتصور هاذا للسیاسي، وكانت لیها بعد »résonance » مع تجارب عالمیة ذات المحتوى المواطني « citoyenniste »، كیما حركة « Les gilets jaunes » في فرنسا. لحظة 17 دیسمبر 2010 في تونس تمخضت في الوضعیة الثوریة إلي تلتها على تصورات سیاسیة مختلفة طرحت كبرامج واستراتیجیات سیاسیة متباینة، في القصبة 1 والقصبة 2. الزوز اعتصامات هاذوما كانوا لحظة منعرج « bifurcation » عند مختلف مكونات الیسار: عركة شكري بالعید ورضا شهاب المكي على مدى أولویة الصراع مع الإسلامیین، الموقف من شكل الدولة المركزي، مطلب المجلس الوطني التأسیسي من جهة و مطلب الحكومة الثوریة من جهة أخرى، الموقف من دخول الهیئة العلیا لتحقیق أهداف الثورة من عدمه وإلي كانت نقطة خلاف بین الوطد والبوكت مثلاً، إلخ. في وسط الخوماضة هاذي الكل، فما العدید من التوجهات إلي طرحت الإستفادة من الإنتفاضة الشعبیة بإقتراح شكل آخر للدولة أو تصور آخر مواطني « citoyenniste » للسیاسة.

تخلقت موفما كبیرة شبابیة، كیما حركة عصیان وهیئات العمل الثوري إلي كانت مجموعات لاسلطویة. تولدت زادة قوى تونس الحرة، إلي التفت حول قیس سعید.

ظهر زادة قیس سعید في القصبة ! إلي خرج من الجامعة وهبط للمسرح الإحتجاجي المستفیض في القصبة، وإلي إحتك بالعدید من التحركات الإحتجاجیة في الهوامش، notamment  تحركات عائلات شهداء وجرحى الثورة. قیس سعید إلي زادة قال « الناس عندها البرنامج »، وإلي بالطریقة هاذي إعترف بوجود ذكاء شعبي قادر على إستنباط البرامج وقادر على التفكیر. وإلي هو في الحقیقة خطاب شعبوي، موش بالمعنى الواصم  » stigmatisant  » إلي ینویوه برشا فاعلین من « النخبة » السیاسیة باش یقصیو خصومهم. بالمعنى الحقیقي متاع الكلمة المجرد من كل حكم قیمي، یعني le populisme بما هو إعتراف بـ »الذكاء الشعبي » ، موش بما هو تقدیس للشعب.

إلى أي مدى إنجمو نعتبرو بزوغ التصور اللاتربوي والمواطني للسیاسة إمتداد للفكر الیساري؟ هو أكید إنو فكرة الدیمقراطیة والمشاركة المواطنیة في الشأن العام و la participation politique par le bas هي فكرة بنت الیسار. كان نتحلو شویة، تاو نرجعو لنصوص اللاسلطویین، برودون وباكونین و كروبوتكین ووو… أو نصوص المجالسیة متاع روزا لوكسمبورغ إلي دافعت على تصور للثورة محایث للطبقة العاملة ضد التصور الطلائعي اللینیني إلي دافع على الحزب الطلائعي للطبقة العاملة كـ sujet historique بدلاً عن الطبقة العاملة بیدها. إنجمو حتى نرجعو لتجارب تاریخیة بعیدة علینا في المكان وفي الزمان، من كمونة باریس لتجارب « الفعل المباشر » « l’action directe » للاسلطویین والرافضة لكل اشكال التفویض السیاسي، إلخ.

كي نرجعو لتونس، أكید إنو توا التجارب الإحتجاجیة الجدیدة إلي صارت في السنوات الأخیرة، هي تحب وإلا تكره بنت الیسار. مانیش مسامح وفاش نستناو وحتى آنا حرقت مركز… ووو، تعرفوهم الكل، هوما des expérimentations  للتنظم خارج الأطر الأكثر « عمودیة » إلي هي الأحزاب. أما زادة هو إعتراف ضمني بالحق في المشاركة وفي القرار، بالحق في التفكیر وفي التعبیر عن التفكیر هاذاكا. أي بالتالي هي تعبیرات لا تربویة (بمعنى ضد التصور التربوي)، ولا أبویة، برغم بالطبیعة كل الهنات و الحدود.

في الختام، شویة اسئلة : كیفاش نفكرو في مسألة الترابط بین المسألة الإجتماعیة والمسائل المجتمعیة؟ كیفاش نتجاوزو التقسیم الثنائي بین مقولة الیسار الاجتماعي ومقولة یسار الحقوق؟ كیفاش نتعاملو مع التراتبیة في سلم الأولویات، بین ما هو إجتماعي (تشغیل، تنمیة، كرامة) وما هو من باب الحریات؟ لیوم یقول لك فما مستویات وعي متباینة ومختلفة حسب الجهات ومدى تهمیشها وتفقیرها الأزلي بمسألة « الحریات »، وإلي اللامساواة الإجتماعیة والإقتصادیة عندها آثار على درجات الإدراك بالمسائل هاذي، بمعنى إنو موش الناس الكل عندها الموارد و الإستعدادات الذهنیة و المعرفیة باش تدرك أهمیة هذه المسائل، الشي إلي یخلیهم یروها « ثانویة ». إي، كیفاش نفضوا التناقض هاذا، بین إستبدال التصور الأبوي والتربوي للفعل السیاسي بتصور مواطني یعترف بقدرة الجماهیر على التفكیر والإقتراح من جهة، وبین فكرة إنو جمیع النضالات مشروعة ولها الحق في أن تخاض في كل وقت ما دامها تتوق نحو الإنعتاق « l’émancipation »؟ بكل  تواضع، یظهرلي هذایا هو السؤال إلي لازم نقترحو علیه إجابات، تترجم تنظیمیاً وسیاسیاً وفكریاً، باش نفهمو الیسار وین ماشي.

شكر اً.

Afficher plus
Bouton retour en haut de la page